للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي روايةٍ لمُسْلِمٍ: أن أهلَ الجاهليَّةِ كانوا يَصومونَ يومَ عاشوراءَ، وأنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صامَهُ والمسلمونَ قبلَ أنْ يُفْرَضَ رَمَضانُ، فلمَّا افْتُرِضَ رَمَضانُ؛ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عاشوراء (١) يومٌ مِن أيَّامِ اللهِ؛ فمَن شاءَ صامَهُ، ومَن شاءَ تَرَكَهُ".

وفي رواية لهُ أيضًا: "فمَن أحَبَّ منكُم أنْ يَصومَهُ؛ فلْيَصُمْهُ، ومَن كَرِهَ؛ فلْيَدَعْهُ".

وفي الصَّحيحينِ أيضًا (٢): عن مُعاوِيةَ؛ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "هذا يومُ عاشوراءَ، ولمْ يَكْتُبِ اللهُ عليكُم صيامَهُ، وأنا صائمٌ؛ فمَن شاءَ فلْيَصُمْ، ومَن شاءَ فلْيُفْطِرْ". وفي روايةٍ لمُسْلِمٍ التَّصريحُ برفعِ آخرِهِ. وفي روايةٍ للنَّسائِيِّ أن آخرَهُ مُدْرَجٌ مِن قولِ مُعاوِيَةَ وليسَ بمرفوعٍ (٣).

وفي "صحيح مسلم" (٤): عن ابن مَسْعودٍ؛ أنَّهُ قالَ في يومٍ عاشوراءَ: هوَ يومٌ كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصومُهُ قبلَ أنْ يَنْزِلَ رمضانُ، فلمَّا نَزلَ شهرُ رمضانَ؛ تُرِكَ. وفي روايةٍ لهُ: تَرَكَهُ (٥).

وفيهِ أيضًا (٦): عن جابِرِ بن سَمُرَةَ؛ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنا بصيامِ يومِ عاشوراءَ ويَحُثُّنا عليهِ ويَتَعاهَدُنا عندَهُ، فلمَّا فُرِضَ رمضانُ؛ لمْ يَأْمُرْنا ولمْ يَنْهَنا عنهُ ولمْ


(١) في خ: "إنّ يوم عاشوراء"، وما أثبتّه من م ون وط أولى بنصّ مسلم.
(٢) البخاري (٣٠ - الصوم، ٦٩ - صيام عاشوراء، ٤/ ٢٤٤/ ٢٠٠٣)، ومسلم (١٣ - الصيام، ١٩ - صوم عاشوراء، ٢/ ٧٩٥/ ١١٢٩).
(٣) جاء عند النسائي في "الكبرى" (٢٨٥٧) أنّ معاوية خطب الناس بالمدينة فقال: يا أهل المدينة! أين علماؤكم؟ إنّي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنّ هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وإنّي صائم - معاوية يقول ذلك - فمن أحبّ أن يصوم فليصم ومن أحبّ أن يفطر فليفطر". قال النسائيّ: هذا هو الصواب. قلت: هذه واحدة من روايات الحديث عند النسائيّ، ورواه مرّة (٢٨٥٤) عن معاوية يقول: أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في هذا اليوم: "إنّي صائم، فمن شاء منكم أن يصوم فليصم". قال النسائي أيضًا: هذا أولى بالصواب. قلت: هذه الرواية الأخيرة لا تحتمل الإدراج، وسندها صحيح غاية، بل هو أصحّ من سند الأولى. وكذلك رواية "الكبرى" (٢٨٥٣) لا تحتمل الإدراج. ولذلك جزم العسقلاني في "الفتح" (٤/ ٢٤٧) بعدم الإدراج وقال: "هو كلّه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - كما بيّنه النسائيّ في روايته".
(٤) (الموضع السابق، ٢/ ٧٩٤/ ١١٢٧).
(٥) يعني النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
(٦) (الموضع السابق، ١١٢٨).

<<  <   >  >>