للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّحَرِ" (١).

قلوبُ العارفينَ تَسْتَنْشِقُ أحيانًا نسيمَ الجنَّةِ.

قالَ أنَسُ بنُ النَّضْرِ يومَ أُحُدٍ: واهًا لريحِ الجنَّةِ، واللهِ؛ إنِّي لأجِدُ ريحَ الجنَّةِ مِن قِبَلِ أُحُدٍ، ثمَّ تَقَدَّمَ فقاتَلَ حتَّى قُتِلَ.

تَمُرُّ الصَّبا صَفْحًا (٢) بِساكِنِ ذي الغَضا … وَيَصْدَعُ قَلْبي أنْ يَهُبَّ هُبوبُها

قَريبَةُ عَهْدٍ بالحَبيبِ وَإنَّما … هَوى كُلِّ نَفْسٍ حَيْثُ حَلَّ (٣) حَبيبُها

كم للهِ مِن لطفٍ وحكمةٍ في إهباطِ آدَمَ إلى الأرضِ، لولا نزولُهُ؛ لما ظَهَرَ جهادُ المجاهدينَ واجتهادُ المجتهدين، ولا صَعِدَتْ زفراتُ (٤) أنفاسِ التَّائبين، ولا نَزَلَتْ فطراتُ دموعِ المذنبين (٥).

يا آدَمُ! إنْ كُنْتَ أُهْبِطْتَ مِن دارِ القربِ؛ فإنِّي قريبٌ أُجيبُ دعوةَ الدَّاعِ إذا دَعانِ، إنْ كانَ حَصَلَ لكَ بالإخراجِ مِن الجنَّةِ كسرٌ؛ فأنا عندَ المنكسرةِ قلوبُهُم مِن أجلي، إنْ كانَ فاتَكَ في السَّماءِ سماعُ زجلِ المسبِّحينَ؛ فقد تَعوَّضْتَ في الأرضِ بسماعِ أنينِ المذنبينَ، أنينُ المذنبينَ أحبُّ إلينا مِن زجلِ المسبِّحينَ، زجلُ المسبِّحينَ ربَّما يَشوبُهُ الافتخارُ وأنينُ المذنبينَ يَزينُهُ الانكسارُ.

لو لمْ تُذْنِبوا؛ لَذَهَبَ اللهُ بكُم، وجاءَ بقومٍ يُذْنِبونَ، ثمَّ يَسْتَغْفِرونَ، فيَغْفِرَ لهُم.


(١) (ضعيف جدًّا). رواه الطبراني في "الأوسط" (١٠/ ٤١٥ - مجمع) و"الصغير" (٧٥) من طريق عمرو بن عبد الغفّار الفقيمي، ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر … رفعه. قال الهيثمي: "فيه عمرو بن عبد الغفّار وهو متروك".
ورواه: الخطيب في "التَّاريخ" (١١/ ٢١٣)، والذهبي في "الميزان" (٤/ ٣٨٢) تعليقًا؛ من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن مجالد، عن عطيّة، عن أبي سعيد … رفعه. ويحيى متروك، ومجالد ضعيف، وعطيّة ضعيف سيّء التدليس عن أبي سعيد.
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٣٧٩) موقوفًا على كعب الأحبار، فلعلّ هذا أصله.
(٢) تمرّ الصبا صفحًا: تمرّ دون أن يشعر بها.
(٣) في خ: "أين حلّ"، والأولى ما أثبته من م وط.
(٤) في خ: "ولا صدعت زفرات"، وهو تحريف صوابه ما أثبته من م وط.
(٥) راجع تفاصيل هذه الحكم واللطائف في "مفتاح دار السعادة" (١/ ٧٧ - ٩٤)، فقد أتى ابن القيّم يرحمه الله في هذا الباب بفتوح لا تراها عند غيره.

<<  <   >  >>