للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَحَّحَهُ)، وخَرَّجَهُ الحاكِمُ.

ورَوى ابنُ سَعْدٍ مِن روايةِ: جابِرٍ الجُعْفِيُّ، عن الشَّعْبِيِّ؛ قال: قال رجلٌ للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: متى اسْتُنْبِئْتَ؟ قال: "وآدَمُ بينَ الرُّوحِ والجسدِ، حينَ أُخِذَ منِّي الميثاقُ" (١). وهذهِ الرِّوايةُ تَدُلُّ على أنَّهُ [- صلى الله عليه وسلم -] حينئذٍ اسْتُخْرِجَ مِن ظهرِ آدَمَ ونُبِّئَ وأُخِذَ ميثاقُهُ: فيُحْتَمَلُ أنْ يَكونَ ذلكَ دليلًا على أن استخراجَ ذرِّيَّةِ آدَمَ مِن ظهرِهِ وأخذَ الميثاقِ منهُم كانَ قبلَ نفخِ الرُّوحِ في آدَمَ (٢).

وقد رُوِيَ هذا عن سَلْمانَ الفارِسِيِّ وغيرِهِ من السَّلفِ.

ويُسْتَدَلُّ لهُ أيضًا بظاهرِ قولِهِ تَعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلمَلائِكَةِ اسْجُدوا لآدَمَ} [الأعراف: ١١]؛ على ما فَسَّرَهُ بهِ مُجاهِدٌ وغيرُهُ؛ أن المرادَ إخراجُ ذرِّيَّةِ آدَمَ مِن ظهرِهِ قبلَ أمرِ الملائكةِ بالسُّجودِ لهُ.

ولكنَّ أكثرَ السَّلفِ على أن استخراجَ ذرّيَّةِ آدَمَ منهُ كانَ بعدَ نفخِ الرُّوحِ فيهِ، وعلى هذا تَدُلُّ أكثرُ الأحاديثِ، فيُحْتَمَلُ على هذا أنْ يَكونَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - خُصَّ باستخراجِهِ مِن ظهرِ آدَمَ قبلَ نفخِ الرُّوحِ فيهِ؛ فإنَّ مُحمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - هوَ المقصودُ مِن خلقِ النَّوعِ


= (٢/ ١٣٠)، والخطيب في "التاريخ" (٣/ ٧٠، ٥/ ٨٢، ١٠/ ١٤٦)؛ من طرق، عن الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، ثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة … رفعه.
قال الترمذي: "حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلّا من هذا الوجه". قلت: صرّح الوليد بالسماع، وبقية السند ثقات معروفون برواية أحدهم عن الآخر، وقد صحّحه الألباني.
(١) (ضعيف جدًّ). يرويه جابر الجعفيّ واختلف عليه فيه على وجهين: روى الأوَّل: ابن سعد (١/ ١٤٨) من طريق الفضل بن دكين، أنا إسرائيل بن يونس، عن جابر، عن الشعبي … مرسلًا. وروى الثاني: البزّار (٢٣٦٤ - كشف)، والطبرانى في "الكبير" (١٢/ ٧٣/ ١٢٥٧١) و"الأوسط" (٤١٨٧)؛ من طريق نصر بن مزاحم، ثنا قيس بن الربيع، عن جابر، عن الشعبيّ، عن ابن عبّاس … رفعه.
ومن البيّن أنّ الوجه الأوّل المرسل هو الراجح هنا لأنّه من رواية الثقات عن جابر، بخلاف الوجه الثاني الذي رواه نصر المتروك عن قيس الذي كان يلقّن. فالجادّة هاهنا الإرسال، والحديث ساقط على إرساله لأنّ جابرًا الجعفي نفسه ساقط في حدّ الترك.
(٢) سبحان الله! لو كان هذا الحديث صحيحًا لما دلّ على ذلك! فكيف وهو واهٍ ساقط؟! فكيف وقد صحّ ما يدل على خلافه من أنّه تعالى استخرج من آدم ذرِّيّته ثم عرضهم عليه فاختار يمين ربّه - وكلتا يديه تعالى يمين مبارك - ثمّ أعطى ابنه داوود من عمره أربعين … إلخ الحديث الصحيح المشهور. وانظر للاستزادة: "قصص الأنبياء" (ص ٩٦ - ط. ابن خزيمة).

<<  <   >  >>