للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦].

وقد كانَ المسيح عليهِ السَّلامُ يَحُضُّ على اتِّباعِهِ وتقولُ: إنَّهُ يُبْعَثُ بالسَّيفِ، فلا يَمْنَعَنَّكُمْ ذلكَ منهُ.

ورُوِيَ عنهُ عليهِ السَّلامُ أنَّهُ قالَ: سوفَ أذْهَبُ أنا ويَأْتي الذي بعدي، لا يَتَحَمَّدُكُمْ بدعواهُ (١)، ولكنْ يَسُل السَّيفَ فتَدْخُلونَهُ طوعًا وكرهًا.

وفي "المسند": عن أبي الدَّرْداءِ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أن الله عَزَّ وجَلَّ أوْحى إلى عيسى عليهِ السَّلامُ: "إنِّي باعثٌ بعدَكَ أمَّةً: إنْ أصابَهُمْ ما يُحِبُّونَ؛ حَمِدوا وشَكَروا، وإنْ أصابَهُم ما يَكْرَهونَ؛ احْتَسَبوا وصَبَروا، ولا حِلْمَ ولا عِلْمَ. قالَ: يا ربِّ! كيفَ هذا ولا حِلْمَ ولا عِلْمَ؟! قالَ: أُعْطيهِم مِن حِلْمي وعِلْمي" (٢).

قالَ ابنُ إسْحاقَ: حَدَّثَني بعضُ أهلِ العلم؛ أن عيسى عليهِ السَّلامُ قالَ: إنّ أحَبَّ الأُممِ إلى اللهِ لأُمَّةُ أحْمَدَ - صلى الله عليه وسلم -. قيلَ لهُ: وما فضلُهُمُ الذي تَذْكُرُ؟ قالَ: لمْ تُذَلَّلْ لا إلهَ إلَّا اللهُ على ألسنِ أُمَّةٍ مِن الأُممِ تذليلَها على ألسنتِهِم.

• الثَّالثُ ممَّا دَلَّ على نبوَّتِهِ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ ظهورِهِ: رؤيا أمِّهِ التي رَأتْ أنَّهُ خَرَجَ منها نورٌ أضاءَتْ لهُ قصورُ الشَّامِ، وذَكَرَ أن أُمَّهاتِ النَّبيِّينَ كذلكَ يَرَيْنَ.


(١) لا يداريكم وينتظر رضاكم كما يفعل المسلمون اليوم.
(٢) (ضعيف). رواه: أحمد (٦/ ٤٥٠)، والبخاري في "التاريخ" (٨/ ٣٥٥)، والبزّار (٢٨٤٥ - كشف)، والطبراني في "الأوسط" (٣٢٧٦) و "الشاميين" (٢٠٥٠)، والحاكم (١/ ٣٤٨ و ٤٩٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٢٧، ٥/ ٢٤٣)، والبيهقي في "الشعب" (٤٤٨٢ و ٩٩٥٣)؛ من طريق أبي حلبس يزيد بن ميسرة، سمعت أمّ الدرداء، سمعت أبا الدرداء … رفعه.
قال الحاكم: "على شرط البخاري"، ووافقه المنذري والذهبي. وقال الهيثمي (١٠/ ٧١): "رجال الصحيح غير الحسن بن سوار وأبي حلبس يزيد بن ميسرة، وهما ثقتان". قلت: الحسن صدوق توبع. وأبو حلبس تابعيّ شاميّ مشهور، روى عنه جماعة من الثقات الأجلّة، وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وترجم له صاحب "الحلية" بما يفيد صلاحه في نفسه، فحقّه أن يحسّن له، لولا أنّه أكثر من قراءة كتب أهل الكتاب ورواية أخبارهم ومواعظهم ولم يعن بالحديث المرفوع فلا يعرف له إلّا حديثان، وعلى هذا فلا يطمئنّ القلب إلى تقوية ما تفرّد بإسناده من جنس الإسرائيليّات إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنّ الفصل بين المرفوع والخبر الإسرائيليّ يحتاج إلى الثقات الأثبات. والله أعلم.

<<  <   >  >>