للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ كَعْبٌ: أجِدُ في التَّوراةِ: لولا أنْ يَحْزَنَ عبدي المؤمنُ؛ لَعَصَبْت الكافرَ بعصابة مِن حديدٍ لا يَصَّدَّعُ أبدًا.

وفي "المسند" عن عائشةَ؛ قالَتْ: دَخَلَ عليَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في اليومِ الذي بُدِي فيهِ. فقُلْتُ: وارأْساهُ! فقالَ: "وَدِدْتُ أن ذلكَ كانَ وأنا حي، فهَيَّأْتُكِ ودَفَنْتُكِ". فقُلتُ غَيْرى: كأنِّي بكَ في ذلكَ اليومِ عروسًا ببعضِ نسائكَ! فقالَ: "أنا وارأْساهُ! ادْعوا لي أباكِ وأخاكِ حتَّى أكْتُبَ لأبي بَكْرٍ كتابًا؛ فإنِّي أخافُ أنْ يَقولَ قائلٌ ويَتَمَنَّى متمنٍّ، ويَأْبى اللهُ والمؤمنونَ إلَّا أبا بَكْرٍ" (١).

وخَرَّجَهُ البُخاريُّ بمعناهُ، ولفظُهُ: إن عائِشَةَ قالَتْ: وارأْساهُ! فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ذاكِ لو كانَ وأنا حيٌّ، فأسْتَغْفِرَ لكِ وأدْعُوَ لكِ". قالَتْ عائِشَةُ: واثُكْلاهُ! واللهِ؛ إنِّي لأظُنُّكَ تُحِبُّ موتي، ولو كانَ ذلكَ؛ لظَلَلْتَ آخرَ يومِكَ معرِّسًا ببعضِ أزواجِكَ. فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنا وارأْساهُ! ". وذَكَرَ بقيَّةَ الحديثِ (٢).

وفي "المسند" أيضًا عنها؛ قالَتْ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا مَرَّ ببابي؛ ممَّا يُلْقي (٣) الكلمةَ يَنْفَعُ اللهُ بها. فمَرَّ ذاتَ يومٍ فلمْ يَقُلْ شيئًا مرَّتينِ أو ثلاثًا. فقُلْتُ: يا جاريةُ! ضَعي لي وسادةً على البابِ، وعَصَبْتُ رأْسي. فمَرَّ بي، فقالَ: "يا عائِشَةُ! ما شأْنُكِ؟ ". فقُلْتُ: أشْتكي رأْسي. فقالَ: "أنا وارأْساه! ". فذَهَبَ فلمْ يَلْبَثْ إلَّا يسيرًا حتَّى جيءَ بهِ محمولًا في كساءٍ، فدَخَلَ عليَّ، فبَعَثَ إلى النِّساءِ، فقالَ: "إنِّي اشْتكَيْتُ"، [وقالَ]: "إنِّي لا أسْتَطيعُ أنْ أدورَ بينكُن، فائْذَنَّ لي فَلأْكُنْ عندَ عائِشَةَ" (٤).


= تشهد لمعناه كثيرة، وبعضها من مخرّجات في البخاري ومسلم، ولذلك مال إلى تقوية حديث الترجمة ابن حبّان والحاكم والبيهقي والذهبي والألباني.
(١) (صحيح). رواه: ابن سعد (٢/ ٢٠٦)، وأحمد (٦/ ١٤٤)، والنسائى في "الكبرى" (٧٠٨١) و"الوفاة" (٥)؛ من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، [عن عروة]، عن عائشة … رفعته. وهؤلاء ثقات رجال الشيخين، وقد رواه الشخان من طريق أخرى عن عائشة بنحوه جدًّا كما تقدّم آنفًا ويأتي بعده.
(٢) متّفق عليه. تقدّم تخريجه آنفًا عند الكلام عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يأبى الله والمؤمنون إلَّا أبا بكر".
(٣) في خ: "والله إنّي أظنّك … ربّما يلقي"، وما أثبتّه من م ون وط أولى بمصادر التخريج.
(٤) (حسن بهذا التمام). رواه: ابن سعد (٢/ ٢٣٢)، وإسحاق (٣/ ٧٢٨/ ١٣٣٣ و ١٧١٨)، وأحمد (٦/ ٢١٩)، وأبو داوود (٦ - النكاح، ٣٩ - القسم بين النساء، ١/ ٦٤٩/ ٢١٣٧) مختصرًا، وأبو يعلى =

<<  <   >  >>