للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقيلَ لهُ في ذلكَ، فقالَ: "إنَّا كذلكَ يُشَدَّدُ علينا البلاءُ ويُضاعَفُ لنا الأجرُ" (١). وقالَ: "إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجلانِ منكُم" (٢).

ومِن شدَّةِ وجعِهِ كانَ يُغْمى عليهِ في مرضِهِ ثمَّ يُفيقُ، وحَصَلَ لهُ ذلكَ غيرَ مرَّةٍ (٣).

فأُغْمِيَ عليهِ مرَّةً، فظنُّوا أن وجعَهُ ذاتُ الجنبِ، فلَدُّوه (٤)، فلمَّا أفاقَ؛ أنْكَرَ ذلكَ، وأمَرَ أنْ يُلَدَّ مَن لَدَّهُ، وقالَ: "إنَّ [للهَ] لمْ يَكُنْ لِيُسَلِّطَها عليَّ (يَعْني: ذاتَ الجنبِ)، ولكنَّهُ مِن الأكلةِ التي أكَلْتُها يومَ خيبرَ" (٥)؛ يَعْني: أنَّهُ نَقَضَ عليهِ سمُّ الشَّاةِ التي أهْدَتْها لهُ اليهوديَّةُ فأكَلَ منها يومئذٍ، وكانَ ذلكَ يَثورُ عليهِ أحيانا، فقالَ في مرضِ موتِهِ: "ما زالَتْ أكلةُ خيبرَ تُعاوِدُني، فهذا أوانُ انقطاعِ أبهري" (٦). فكانَ ابنُ


(١) (صحيح). رواه: معمر في "الجامع" (٢٠٦٢٦)، وابن سعد (٢/ ٢٠٨ و ٢٣٦)، وأحمد (٣/ ٩٤) وفي "الزهد" (٣٣٥)، وعبد بن حميد (٦٩٠)، والبخاري في "الأدب" (٥١٠)، وابن ماجه (٣٦ - الفتن، ٢٣ - الصبر على البلاء، ٢/ ١٣٣٤/ ٤٠٢٤)، وابن أبي الدنيا في "المرض"، وأبو يعلى (١٠٤٥)، والطحاوي في "المشكل" (٣/ ٦٤)، والحاكم (١/ ٤٠، ٤/ ٣٠٧)، والبيهقي (٣/ ٣٧٢) وفي "الشعب" (٩٧٧٤)؛ من طرق، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار (وجاء مرّة: عن رجل)، عن أبي سعيد … رفعه.
قال الحاكم: "على شرط مسلم"، وأقرّه المنذري والذهبي. وقال البوصيري في "المصباح": "إسناده صحيح رجاله ثقات". وصحّحه الألباني.
(٢) رواه: البخاري (٧٥ - المرضى، ٢ - شدّة المرض، ١٠/ ١١٠/ ٥٦٤٧)، ومسلم (٤٥ - البرّ، ١٤ - ثواب المؤمن، ٤/ ١٩٩١/ ٢٥٧١)، من حديث ابن مسعود.
(٣) قطعة من حديث عائشة المتّفق عليه الذي تقدّم انفًا.
(٤) اللَدّ: طريقة علاجيّة قديمة يصبّ فيها الدواء في أحد جانبي الفم وذلك حتّى لا يُبتلع مباشرة بل يبقى في الفم طويلًا ويمتصّ بالتدريج.
(٥) (ضعيف جدًّا بهذا السياق). رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ٢٣٦): أنا محمد بن عمر، ثني عبد الله بن جعفر، عن عثمان بن محمد الأخنسي، دخلت أُم بشر … فذكره. ومحمد بن عمر الواقدي لا يفرح بمروياته وعثمان عن أُم بشر مرسل.
ورواه ابن سعد (٨/ ٣١٤) أيضًا من حديث محمد بن عمر من وجه آخر عن عائشة. وفيه العلّة نفسها.
وفقرات الحديث مخرجة في الصحيحين لكنّه ضعيف جدًّا بهذا السياق بتمامه.
(٦) (صحيح). رواه البخاري (٦٤ - المغازي، ٨٣ - مرضه - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، ٨/ ١٣١/ ٤٤٢٨): قال يونس، عن الزهريّ، قال عروة، قالت عائشة … فذكرته.
قال العسقلاني: "وصله البزّار والحاكم والإسماعيلي من طريق عنبسة بن خالد عن يونس بهذا الإسناد، وقال البزّار: تفرّد به عنبسة عن يونس". قال العسقلاني: "أي بوصله، وإلّا فقد رواه موسى بن عقبة في "المغازي" عن الزهريّ لكنّه أرسله". قلت: عنبسة صدوق، ووصله زيادة ثقة يتعيّن الأخذ بها. قال =

<<  <   >  >>