- صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّيَ لاثنتي عشرةَ ليلةً مِن ربيعٍ الأوَّلِ، وهذا ممكنٌ، فإن العربَ تؤرِّخُ بالليالي دونَ الأيَّامِ، ولكنْ لا تُؤرِّخُ إلَّا بليلةٍ مضى يومُها، فيَكونُ اليومُ تبعًا للَّيلةِ، وكلُّ ليلةٍ لم يَمْضِ يومُها لم يُعْتَدَّ بها، وكذلكَ إذا ذَكَروا اللياليَ في عدب فإنَهُم يُريدونَ بها اللياليَ معَ أيَّامِها، فإذا قالوا: عشرُ ليال؛ فمرادُهُم بأيَّامِها.
ومِن هنا تَتَبَيَّنُ صحَّةُ قولِ الجمهورِ في أن عدَّةَ الوفاةِ أربعةُ أشهرٍ وعشرُ ليالٍ بأيَّامِها، وأن يومَ العاشرِ مِن جملةِ إتمامِ العدَّةِ؛ خلافًا للأوْزاعِيِّ. وكذلكَ قالَ الجمهورُ في أشهرِ الحجِّ:[إنَّها] شوَّالٌ وذو القَعْدَةِ وعشرٌ مِن ذي الحِجَّةِ، وإنَّ يومَ النَّحرِ داخلٌ [فيها] لهذا المعنى؛ خلافًا للشَّافِعِيِّ.
وحينئذٍ؛ فيومُ الاثنينِ الذي تُوُفِّيَ فيهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ ثالثَ عشرَ الشَّهرِ، لكنْ لمَّا لمْ يَكُنْ يومُهُ قد مَضى لمْ يُؤَرَّخْ بليلتِهِ، إنَّما أرَّخوا بليلةِ الأحدِ ويومِها، وهوَ الثَّاني عشرَ، فلذلكَ قالَ ابنُ إسْحاقَ: تُوُفِّيَ لاثنتي عشرةَ ليلةً مَضَتْ مِن ربيعٍ الأوَّلِ. واللهُ أعلمُ.