للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعشرينَ سنةً مرَّةً، وهوَ النَّسيءُ الذي ذَكَرَهُ اللهُ في كتابِهِ، فلمَّا كانَ عامَ حَجَّ أبو بَكْرٍ [الصِّدِّيقُ] بالنَّاسِ؛ وافَقَ في ذلكَ العامِ الحجَّ، فسَمَّاهُ اللهُ يومَ الحجِّ الأكبرِ. ثمَّ حجَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في العامِ المقبلِ، فاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الأهلَّةَ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الزَّمانَ قدِ اسْتَدارَ كهيئتِهِ يومَ خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ والأرضَ" (١).

وقيلَ: بلِ استدارةُ الزَّمانِ كهيئتِهِ كانَ مِن عامِ الفتحِ.

وخَرَّجَ البزَّارُ في "مسنده" مِن حديثِ سَمُرَةَ بن جُنْدَبٍ؛ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لهُم يومَ الفتحِ: "إنَّ هذا العامَ الحجُّ الأكبرُ، قدِ اجْتَمَعَ حجُّ المسلمينَ وحجُّ المشركينَ في ثلاثةِ أيَّامٍ متتابعاتٍ، واجْتَمَعَ حجُّ اليهودِ وحجُّ النَّصارى في ستةِ أيَّامٍ متتابعاتٍ، ولم يَجْتَمعْ منذُ خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ والأرضَ ولا يَجْتَمعُ بعدَ العامِ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ" (٢).

وفي إسنادِهِ يوسُفُ السَّمْتِيُّ، وهوَ ضعيفٌ جدًّا.

• واخْتَلَفوا لِمَ سُمِّيَتْ هذهِ الأشهرُ الأربعةُ حرمًا:

فقيلَ: لعظمِ حرمتِها وحرمةِ الذَّنبِ فيها.

قالَ عَلِيُّ بنُ أبي طَلْحَةَ عن ابن عَبَّاسٍ: اخْتَصَّ اللهُ أربعةَ أشهرٍ وجَعَلَهُنَّ حرمًا، وعَظَّمَ حرماتِهِنَّ، وجَعَلَ الذَّنبَ فيهِنَّ أعظمَ، وجَعَلَ العملَ الصَّالحَ والأجرَ أعظمَ.

قالَ كَعْبٌ: اخْتارَ اللهُ الزمانَ، فأحبُّهُ إلى اللهِ الأشهرُ الحرمُ. وقد رُوِيَ مرفوعًا،


(١) (حسن بهذا السياق). رواه: الطبراني في "الأوسط" (٢٩٣٠)، وابن مردويه (٨/ ٣٢٢ - فتح)؛ من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه … به. قال الهيثمي (٧/ ٣٢): "رجاله ثقات". قلت: المرفوع منه من مخرّجات الصحيحين.
(٢) (منكر). رواه: البزّار (١٨٢٦ - كشف) من طريق يوسف بن خالد السمتي، والطبراني (٧/ ٢٥٦/ ٧٠٤٠) من طريق مروان بن جعفر عن محمّد بن إبراهيم؛ كلاهما عن جعفر بن سعد بن سمرة، ثنا خبيب بن سليمان بن سمرة، عن سليمان بن سمرة، عن سمرة … رفعه.
قال ابن رجب والهيثمي (٦/ ١٨٨): "فيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف [جدًّا] ". قلت: متّهم لا يصلح لصالحة. لكنه توبع عند الطبراني كما ترى، قال الهيثمي (٧/ ٣٢) في المتابعة: "رجاله موثّقون". قلت: وثّق ابن حبّان بعضهم لا جميعهم على طريقته في توثيق المجاهيل: ومروان صاحب منكرات، ومحمّد مجهول ضعيف، وجعفر ليّن، وخبيب مجهول، وسليمان لا يعدو أن يكون مقبولًا في المتابعات. والحديث ساقط بمفردات طرقه ومجموعها، وقد استنكره الذهبي وابن رجب والهيثمي والعسقلاني.

<<  <   >  >>