للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يَصِحُّ رفعُهُ.

وقد قيلَ في قولِهِ تَعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦]: إنَّ المرادَ في الأشهرِ الحرمِ. وقيلَ: بل في جميعِ شهورِ السَّنةِ.

وقيلَ: إنَّما سُمِّيَتْ حرمًا لتحريمِ القتالِ فيها، وكانَ ذلكَ معروفًا في الجاهليّةِ.

وقيلَ: إنَّهُ كانَ في عهدِ إبْراهيمَ عليهِ السَّلامُ.

وقيلَ: إنَّ سببَ تحريمِ هذهِ الأشهرِ الأربعةِ بينَ العربِ لأجلِ التَّمكُّنِ مِن الحجِّ والعمرةِ: فحُرِّمَ (١) شهرُ ذي الحِجَّةِ لوقوعِ الحجِّ فيهِ، وحُرِّمَ معَهُ شهرُ ذي القعدةِ للسَّيرِ فيهِ إلى الحجِّ، وشهرُ المحرَّمِ للرُّجوعِ فيهِ مِن الحجِّ، حتَّى يَأْمَنَ الحاجُّ على نفسِهِ مِن حينِ يَخْرُجُ مِن بيتِهِ إلى أنْ يَرْجِعَ إليهِ، وحُرِّمَ شهرُ رَجَبٍ، للاعتمارِ فيهِ في وسطِ السَّنةِ، فيَعْتَمِرُ فيهِ مَن كانَ قريبًا مِن مَكَّةَ.

• وقد شَرَعَ اللهُ تَعالى في أوَّلِ الإسلامِ تحريمَ القتالِ في الشَّهرِ الحرامِ: قالَ تَعالى: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٢]. وقالَ تَعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ٢١٧].

وخَرَّجَ ابنُ أبي حاتِمٍ بإسناده عن جُنْدَبِ بن عَبْدِ اللهِ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ رهطًا وبَعَثَ عليهِم عَبْدَ اللهِ بنَ جَحْشٍ، فَلَقُوا ابنَ الحَضْرَمِيِّ فقَتَلوهُ، ولم يَدْروا أن ذلكَ مِن رجبٍ أو مِن جمادى، فقالَ المشركونَ للمسلمينَ: قَتَلْتُم في الشَّهرِ الحرامِ، فأنْزَلَ اللهُ تَعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢١٧] (٢).


(١) في خ: "تحريم هذه الأربعة أشهر … وحرَّم"، والأولى ما أثبته من م وط.
(٢) (صحيح بشواهده). رواه: الطبري (٤٠٨٧)، وابن أبي حاتم (ابن كثير - البقرة ٢١٧)، والطبراني (٢/ ١٦٢/ ١٦٧٠)، والعسقلاني في "التغليق" (٢/ ٧٦)؛ من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرميّ، عن أبي السوار، عن جندب … به. وهذا سند لا بأس به، رجاله ثقات رجال الصحيح، إلّا الحضرمي فصدوق لا بأس بحديثه.
وله شاهد عند: ابن إسحاق في "المغازي" (٢/ ٧٦ - تغليق)، والطبري (٤٠٨٥)، والبيهقي (٩/ ٥٨)، =

<<  <   >  >>