للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ في ذلكَ - وقيلَ: إنَّها لأبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ -:

تَعُدُّونَ قَتْلًا في الحَرامِ عَظيمَةً … وَأعْظَمُ مِنْهُ لَوْ يَرَى الرُّشْدَ راشِدُ

صُدودُكُمُ عَمَّا تقولُ مُحَمَّدٌ … وَكُفْرٌ بِهِ واللهُ راءٍ وَشاهِدُ

وَإخْراجُكُمْ مِنْ مَسْجِدِ اللهِ أهْلَهُ … لِئَلَّا يُرى للهِ في البَيْتِ ساجِدُ

… في أبياتٍ أُخرَ.

• وقدِ اخْتَلَفَ العلماءُ في حكمِ القتالِ في الأشهرِ الحرمِ، هل تحريمُهُ باقٍ أم نُسِخَ:

فالجمهورُ على أنَّهُ نُسِخَ تحريمُهُ، ونَصَّ على نسخِهِ الإمامُ أحْمَدُ وغيرُهُ مِن الأئمَّةِ. وذَهَبَ طائفةٌ مِن السَّلفِ - منهُم عطاءٌ - إلى بقاءِ تحريمِهِ، ورَجَّحَهُ بعضُ المتأخِّرينَ، واسْتَدَلُوا بآيةِ المائدةِ، والمائدةُ مِن آخرِ ما نَزَلَ مِن القرآنِ. وقد رُوِيَ (١): أحِلُّوا حلالَها وحَرِّموا حرامَها. وقيلَ: ليسَ فيها منسوخٌ.

وفي "المسند": أن عائِشَةَ قالَتْ: هيَ آخرُ سورةٍ نَزَلَتْ، فما وَجَدْتُم فيها مِن حلالٍ فاسْتَحِلوهُ، وما وَجَدْتُم فيها مِن حرامٍ فحَرِّموهُ.

ورَوى الإمامُ أحْمَدُ في "مسنده": حَدَّثَنا إسْحاقُ بنُ عيسى، حَدَّثَنا لَيْثُ بنُ سَعْدٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابِرٍ؛ قالَ: لم يَكُنْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْزو في الشَّهرِ الحرامِ إلَّا أنْ يُغْزى، ويَغْزو فإذا حَضَرَهُ أقامَ حتَّى يَنْسَلخَ (٢).

وذَكَرَ بعضُهُم أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حاصَرَ الطَّائفَ في شوَّالٍ، فلمَّا دَخَلَ ذو القَعْدَةِ؛ لمْ يُقاتِلْ، بل صابَرَهُم، ثمَّ رَجَعَ (٣).


(١) يعني: في الموقوف، ولم أقف على مرفوع بهذا المعنى، فكأنّه يعني قول عائشة الآتي بعده.
(٢) (حسن). رواه: أحمد (٣/ ٣٣٤ و ٣٤٥)، والحارث (٦٤٥ - هيثمي)، والطبري (٤٠٨٤)، والنحّاس في "الناسخ"؛ من طرق، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر … رفعه.
قال الهيثمي (٦/ ٦٩): "رجاله رجال الصحيح". قلت: أبو الزبير صدوق حسن الحديث من رجال الشيخين، ورواية الليث عنه أمان من التدليس، فالسند حسن.
(٣) (منكر). لم أقف عليه، ولكنّه ظاهر المخالفة لقصّة حصار الطائف المخرّجة في الصحيحين وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين "اغدوا على القتال" قبل رجوعهم عن الحصن بيوم واحد.

<<  <   >  >>