للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا إضافتُهُ إلى مُضَرَ: فقيلَ: لأنَّ مُضَرَ كانَتْ تَزيدُ في تعظيمِهِ واحترامِهِ، فنُسِبَ إليهِم لذلكَ. وقيلَ: بل كانَتْ ربيعةُ تُحَرِّمُ رمضانَ وتُحَرِّمُ مُضَرُ رجبًا، فلذلكَ سَمَّاهُ رجبَ مُضَرَ وحَقَّقَ ذلكَ بقولِهِ "الذي بينَ جمادى وشعبانَ".

وذَكَرَ بعضُهُم أن لشهرِ رجبٍ أربعةَ عشرَ اسمًا: شهرُ اللهِ، ورجبٌ، ورجبُ مُضَرَ، ومُنْصِلُ الأسنَّةِ، والأصمُّ، والأصبُّ، ومُنَفِّسٌ، ومُطَهِّر، ومُعَلًّى، ومقيمٌ، وهَرِمٌ، ومقشقِشٌ، ومُبَرِّئ، وفردٌ. وذَكَرَ غيرُهُ أن لهُ سبعةَ عشرَ اسمًا، فزادَ: رَجَمَ بالميم، ومُنْصِلَ الألَّةِ وهيَ الحربةُ، ومنزِعَ الأسنَّةِ.

• ويَتَعَلَّقُ بشهرِ رجبٍ أحكامٌ كثيرةٌ:

فمنها ما كانَ في الجاهليَّةِ واخْتَلَفَ العلماءُ في استمرارِهِ في الإسلامِ:

• كالقتالِ، وقد سَبَقَ ذكرُهُ.

• وكالذَّبائحِ؛ فإنَّهُم كانوا في الجاهليّةِ يَذْبَحونَ ذبيحةً يُسَمُّونَها العَتِيرَةَ. واخْتَلَفَ العلماءُ في حكمِها في الإسلامِ:

فالأكثرونَ على أن الإسلامَ أبْطَلَها. وفي الصَّحيحينِ (١): عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ" (٢).

ومنهُم مَن قالَ: بل هيَ مستحبَّةٌ. منهُمُ ابنُ سِيرِينَ. وحَكاهُ الإمامُ أحْمَدُ عن أهلِ البَصْرَةِ. ورَجَّحَهُ طائفةٌ مِن أهلِ الحديثِ المتأخِّرينَ. ونَقَلَ حَنْبَلٌ عن أحْمَدَ نحوَهُ.

وفي "سنن" أبي داوودَ والنَّسائِيِّ وابنِ ماجَهْ: عن مِخْنَفِ بن سُلَيْمٍ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ بعَرَفَةَ: "إنَّ على كلِّ أهلِ بيتٍ في كلِّ عامٍ أضْحاةٌ وعَتِيرَةً، وهيَ التي يُسَمُّونَها الرَّجَبِيّة" (٣).


(١) البخاري (٧١ - العقيقة، ٣ - الفرع، ٩/ ٥٩٦/ ٥٤٧٣ و ٥٤٧٤)، ومسلم (٣٥ - الأضاحي، ٧ - الفرع والعتيرة، ٣/ ١٥٦٤/ ١٩٧٦).
(٢) الفرع: بكر الناقة أو النعجة … كانوا يذبحونه لأصنامهم. العتيرة: الذبيحة الرجبية.
(٣) (ضعيف). رواه: ابن أبي شيبة (٢٤٢٩٣)، وأحمد (٤/ ٢١٥، ٥/ ٧٦)، والبخاري في "التاريخ" (٨/ ٥٢)، وابن ماجه (٢٦ - الأضاحي، ٢ - الأضاحي واجبة أم لا، ٢/ ١٠٤٥/ ٣١٢٥)، وأبو داوود (١٠ - الضحايا، ١ - إيجاب الأضاحي، ٢/ ١٠٢/ ٢٧٨٨)، والترمذي (٢ - الأضاحي، ١٩ - باب، =

<<  <   >  >>