للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صيامِ رجبٍ كلِّهِ لئلَّا يُتَّخَذَ عيدًا (١).

وعن مَعْمَرٍ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيهِ؛ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتَّخِذوا شهرًا عيدًا ولا يومًا عيدًا" (٢).

وأصلُ هذا أنَّهُ لا يُشْرَعُ أنْ يَتَّخِذَ المسلمونَ عيدًا إلَّا ما جاءَتِ الشَّريعةُ باتِّخاذِهِ عيدًا، وهوَ يومُ الفطرِ ويومُ الأضحى وأيَّامُ التَّشريقِ - وهيَ أعيادُ العامِ - ويومُ الجمعةِ - وهوَ عيدُ الأسبوعِ -، وما عَدا ذلكَ؛ فاتِّخاذُهُ عيدًا أو موسمًا بدعةٌ لا أصلَ لهـ[ـا] في الشَّريعةِ.

ومِن أحكامِ رجبٍ ما وَرَدَ فيهِ مِن الصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ والاعتمارِ:

• فأمَّا الصَّلاةُ؛ فلمْ يَصِحَّ في شهرِ رجبٍ صلاة مخصوصةٌ تَخْتَصُّ بهِ، والأحاديثُ المرويَّةُ في فضلِ صلاةِ الرَّغائبِ في أوَّلِ ليلةِ جمعة مِن شهرِ رجب كذبٌ وباطلٌ لا يَصِحُّ، وهذهِ الصَّلاةُ بدعةٌ عندَ جمهورِ العلماءِ. وممَّن ذَكَرَ ذلكَ مِن أعيانِ العلماءِ المتأخِّرينَ مِن الحفَّاظِ أبو إسْماعيلَ الأنْصارِيُّ وأبو بَكْرِ بنُ السَّمْعانِي وأبو الفَضْلِ بنُ ناصِرٍ وأبو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ وغيرُهُم. وإنَّما لم يَذْكُرْها المتقدِّمونَ لأنَّها أُحْدِثَتْ بعدَهُم. وأوَّلُ ما ظهَرَتْ بعدَ الأربعِ مئةٍ، فلذلكَ لمْ يَعْرِفْها المتقدِّمونَ ولم


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن ماجه (٧ - الصيام، ٢٣ - صيام الحرم، ١/ ٥٥٤/ ١٧٤٣)، والطبراني (١٠/ ٢٨٧/ ١٠٦٨١)، والبيهقي في "فضائل الأوقات" (١٨)، وابن الجوزي في "الواهيات" (٩١٣) تعليقًا، والمزّي (١٠/ ٨٤)، وابن حجر في "تبيين العجب" تعليقًا؛ من طريق داوود بن عطاء، ثني زيد بن عبد الحميد بن زيد بن الخطّاب، عن سليمان بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه، عن جدّه … رفعه.
وهذا سند ساقط فيه علل: أشار إلى أولاها البوصيري بقوله: "داوود بن عطاء متّفق على ضعفه".
قلت: هو منكر الحديث واه شبه المتروك. والثانية: أنّ زيدًا هذا مجهول. والثالثة: أن عبد الرزّاق رواه في "المصنّف" (٧٨٥٤): عن ابن جريج، عن عطاء؛ قال: كان ابن عبّاس ينهى عن صيام رجب كلّه لئلًا يتّخذ عيدًا. كذا موقوفًا لا مرسلًا كما ذكر ابن رجب هنا! وقد جاء عنه موقوفًا من غير وجه بأسانيد قويّة. فالظاهر أن هذا أصل الحديث، ثمّ جاء أُولئك الضعفاء فأسندوه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وقد ضعّفه البيهقي وابن الجوزي والذهبي وابن القيم والبوصيري والعسقلاني، وقال الألباني: "ضعيف جدًّا".
(٢) (ضعيف). رواه عبد الرزّاق (٧٨٥٣): ثنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه … به.
وهذا سند قويّ، ثقات رجال الشيخين، لكنّه مرسل. ومعناه صحيح جدًّا، لكن العمدة هنا هل قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أو لا، وهذا السند لا يكفي لترجيح ذلك.

<<  <   >  >>