للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي الصَّحيحينِ (١) عن عَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لهُ: "أتَصومُ النَّهارَ وتَقومُ الليلَ؟ ". قالَ: نعم. فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لكنِّي أصومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأنامُ، وأمَسُّ النِّساءَ، فمَن رَغِبَ عن سنَّتي؛ فليسَ منِّي".

وفيهِما (٢) عن أنَسٍ؛ أن نفرًا مِن أصحابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ بعضهُم: لا أتَزَوَّجُ النِّساءَ، وقالَ بعضُهُم: لا آكلُ اللحمَ، وقالَ بعضُهُم: لا أنامُ على فراشٍ. فبَلَغَ ذلكَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فخَطَبَ وقالَ: "ما بالُ أقوامٍ يَقولونَ كذا وكذا؟ لكنِّي أُصَلِّي وأنامُ، وأصومُ وأُفْطِرُ، وأتَزَوَّجُ النِّساءَ؛ فمَن رَغِبَ عن سنَّتي؛ فليسَ منِّي".

وخَرَّجَهُ النَّسائيُّ وزادَ فيهِ: وقالَ بعضُهُم: أصومُ ولا أُفْطِرُ (٣).

وفي "مسند الإمامِ أحْمَد": عن رجلٍ مِن الصَّحابةِ قالَ: ذُكِرَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مولاةٌ لبني عبدِ المُطَّلِبِ [أنَّها] قامَتِ الليلَ وتَصومُ النَّهارَ. فقالَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكنِّي أنا أنامُ وأُصَلِّي (٤) وأصومُ وأُفْطِرُ، فمنِ اقْتَدى بي؛ فهوَ منِّي، ومَن رَغِبَ عن سنَّتي؛ فليسَ منِّي. إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّةً وفترةً، فمَن كانَتْ فترتُهُ إلى بدعةٍ فقد ضَلَّ، ومَن كانَتْ فترتُهُ إلى سنَّةٍ فقدِ اهْتَدى" (٥).


(١) البخاري (٣٠ - الصوم، ٥٤ - ٥٩ - باب، ٤/ ٢١٧/ ١٩٧٤ - ١٩٨٠)، ومسلم (١٣ - الصيام، ٣٥ - النهي عن صوم الدهر، ٢/ ٨١٢/ ١١٥٩).
(٢) البخاري (٦٧ - النكاح، ١ - الترغيب في النكاح، ٩/ ١٠٤/ ٥٠٦٣)، ومسلم (١٦ - النكاح، ١ - استحباب النكاح، ٢/ ١٠٢٠/ ١٤٠١).
(٣) (صحيح). رواه: ابن سعد (١/ ٣٧١)، وأحمد (٣/ ٢٤١ و ٢٨٥)، وعبد بن حميد (١٣١٨)، والنسائي في "المجتبى" (٢٦ - النكاح، ٤ - النهي عن التبتّل، ٦/ ٦٠/ ٣٢١٧) و"الكبرى" (٥٣٢٤)، وأبو نعيم في "المستخرج" (٣٢٣٨)، والبيهقي (٧/ ٧٧)؛ من طرق، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس … رفعه بهذه الزيادة. وهذا سند مسلم نفسه.
(٤) في خ: "لكنّي أصلّي وأنام"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط متابعة للفظ أحمد.
(٥) (صحيح). رواه مجاهد واختلف عليه فيه على أوجه روى أوّلها: الحسين المروزي في "زوائد الزهد" (١١٠٢)، والشاشي (٨٩٤)؛ من طريق قويّ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن مجاهد، أعن عبد الله] … رفعه بنحوه مطوّلًا ومختصرًا. وهذا سند قويّ، ووصله زيادة ثقة. وروى الثاني: أحمد (٥/ ٤٠٩)، والطحاوي في "المشكل" (٢/ ٨٨)، والطبراني في "الكبير" (٢/ ٢٨٤/ ٢١٨٦)، من طرق قويّة، عن منصور، عن مجاهد، (قال مرّة: عن رجل من الصحابة، ومرّة: عن رجل من الأنصار من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومرّة: عن جعدة بن هبيرة) … رفعه مطوّلًا ومختصرًا. وهذا سند قويّ، وإبهام الصحابيّ لا يضرّ، على =

<<  <   >  >>