للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي "صحيح مسلم" (١) مِن حديثِ: مَعْقِلِ بن يَسارٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "العبادةُ في الهَرْجِ كالهجرةِ إليَّ". وخَرَّجَهُ الإمامُ أحْمَدُ، ولفظُهُ: "العبادةُ في الفتنةِ كالهجرةِ إليَّ" (٢).

وسببُ ذلكَ أن النَّاسَ في زمنِ الفتنِ يَتَّبِعونَ أهواءَهُم ولا يَرْجِعونَ إلى دينٍ، فيَكونُ حالُهُم شبيهًا بحالِ الجاهليَّةِ، فإذا انْفَرَدَ مِن بينِهِم مَن يَتَمَسَّكُ بدينِهِ ويَعْبُدُ ربَّهُ ويَتَّبعُ مراضِيَهُ ويَجْتَنِبُ مساخطَهُ؛ كانَ بمنزلةِ مَن هاجَرَ مِن بين أهلِ الجاهليَّةِ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا بهِ متَّبعًا لأوامرِهِ مجتنبًا لنواهيهِ.

ومنها: أنَّ المنفردَ بالطَّاعةِ بينَ أهلِ المعاصي والغفلةِ قد يُدْفَعُ بهِ البلاءُ عن النَّاسِ [كلِّهِم]، فكأنَّهُ يَحْميهِم ويُدافِعُ عنهُم.

وفي حديثِ ابن عُمَرَ الذي رَوَيْناهُ في "جزءِ ابن عَرَفَةَ" مرفوعًا: "ذاكرُ اللهِ في الغافلينَ كالذي يُقاتِلُ عن الفارِّينَ، وذاكرُ اللهِ في الغافلينَ كالشَّجرةِ الخضراءِ في وسطِ الشَّجرِ الذي تَحاتَّ ورقُهُ مِن الصَّريدِ (والصَّريدُ: البردُ الشَّديدُ)، وذاكرُ اللهِ في الغافلينَ يُغْفَرُ لهُ بعددِ كلِّ رطبٍ ويابسٍ، وذاكرُ اللهِ في الغافلينَ يَعْرِفُ مقعدَهُ في الجنَّةِ" (٣).


= جابرًا … رفعه. قال الهيثمي: "فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف، وقد وثّق". قلت: قد توبع عند الطبراني نفسه، والعلّة من أبي عيّاش؛ فإنّه مجهول الحال أو مشور.

• ورواه الداني (١٢٧٣ - صحيحة) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود … رفعه. قال الألباني: "صحيح رجاله ثقات". قلت: قد عنعن الأعمش على تدليسه.

• ورواه: أحمد (١/ ١٨٤)، والبزّار (١١١٩)، وأبو يعلى (٧٥٦)، وعبد الله بن أحمد (١/ ١٨٤)؛ من طريق صخر، ثني أبو حازم، ثني ابن لسعد، عن أبيه … رفعه بنحوه. قال الهيثمي: "رجال الصحيح".
قلت: في أبي صخر حميد بن زياد الخرّاط كلام لا ينزل بحديثه عن رتبة الحسن.

• نعم؛ الأوجه الثلاثة الأولى ساقطة، ولكن الحديث صحيح بما تلاها، وقد صحّحه الألباني وغيره.
(١) (٥٢ - الفتن، ٣٦ - فضل العبادة في الهرج، ٤/ ٢٢٦٨/ ٢٩٤٨).
(٢) والفتنة والهرج واحد، وإنّما ذكر اللفظ الآخر لبيان المقصود بالهرج. وهو عند: ابن أبي شيبة (٣٧٢٨٨)، وأحمد (٥/ ٢٧)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٢١٣/ ٩٤٢ - ٤٩٤) و"الصغير" (٩٣٤)، وأبي نعيم في "الحلية" (٣/ ٦٢)؛ من طرق، عن معاوية بن قرّة، عن معقل … رفعه. وهذه طريق مسلم نفسها.
(٣) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن عرفة في "جزئه" (٤٥)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٧٤٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ١٨١)، والبيهقي في "الشعب" (٥٦٥ و ٥٦٦)؛ من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن عمران بن مسلم القصير وعبّاد بن كثير، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر … رفعه.

<<  <   >  >>