للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمَّا كانَ معاملةُ المخلصينَ بصيامِهِم لمولاهُم سرًّا بينَهُ وبينَهُم، أظْهَرَ اللهُ سرَّهُم لعبادِهِ فصارَ علانيةً، فصارَ هذا التَّجلِّي والإظهار جزاءً لذلكَ الصَّونِ والإسرار.

في الحديثِ: "ما أسَرَّ أحدٌ سريرةً إلَّا ألْبَسَهُ اللهُ رداءَها علانيةً" (١).

قالَ يوسُفُ بنُ أسْباطٍ: أوْحى اللهُ تَعالى إلى نبيٍّ مِن الأنبياءِ: قُلْ لقومِكَ يُخْفونَ لي أعمالَهُم وعليَّ أظهارُها لهُم.

تَذَلُّلُ أرْبابِ الهَوى في الهَوى عِزُّ … وَفَقْرُهُمُ نَحْوَ الحَبيبِ هُوَ الكَنْزُ

وَسَتْرُهُمُ فيهِ السَّرائِرَ شُهْرَةٌ … وَغَيْرُ تَلافِ النَّفْسِ فيهِ هُوَ العَجْزُ

* والمعنى الثَّاني: أن مَن عَبَدَ الله وأطاعَهُ وطَلَبَ رضاهُ في الدُّنيا بعملٍ، فنَشَأ مِن


(١) (ضعيف جدًّا). وقد جاء عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه:

• فرواه: الطبراني في "الكبير" (٢/ ١٧١/ ١٧٠٢) و "الأوسط" (٧٩٠٢)، والذكواني في "اثنا عشر مجلسًا" (٢٣٧ - الضعيفة)؛ من طريق الفضل بن موسى، عن [محمّد] بن عبيد الله العرزمي، عن سلمة بن كهيل، عن جندب بن سفيان … رفعه. قال الهثمي (١٠/ ٢٢٨): "فيه حامد بن آدم وهو كذّاب". قلت: تابعه ابن أبي رزمة عن الفضل عند الذكواني، لكن في الطريق إليه الجعابي وهو ضعيف. ثمّ هاهنا علّة أُخرى، وهي العرزميّ هذا؛ فإنّه متروك، وهو آفة هذا السند.
* ورواه البيهقي في "الشعب" (٦٩٤٣) من طريق يوسف بن عطيّة، عن ثابت، عن أنس … رفعه.
وهذا ساقط: يوسف متروك، وقد خالف رواية الثقات عند البيهقي (٦٩٤٤) عن ثابت: كان يقال … فذكره.
* ورواه: ابن جرير (١٤٤٥١)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٨٣٤٢)؛ من طريق سليمان بن أرقم، عن الحسن، رأيت عثمان على المنبر … فذكره مرفوعًا. وهذا ساقط: الحسن لعلّه رأى عثمان لكن لا يثبت له منه سماع. وسليمان متروك متّهم، وقد خالف من رواه عن الحسن مرسلًا عند أبي الشيخ (الأعراف ٢٦ - الدرّ) والغالب أنّه خير منه، أو خالف من رواه عن عثمان موقوفًا كما سيأتي بعده.
* ورواه: ابن عدي (٢/ ٧٨٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ٢١٥)، والقضاعي (٥١٠ و ٥١١)، والبيهقي في "الشعب" (٦٩٤٢)، والخطيب في "التاريخ" (٢/ ٤٦٠)؛ من طريق حفص بن سليمان، عن علقمة بن مرثد، [عن سعد بن عبيد] عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان … رفعه. وهذا ساقط: حفص واه متروك، وقد خالف رواية الثقات عند البيهقي (٦٩٤١) عن عثمان موقوفًا. قال البيهقي: "هذا هو الصحيح موقوفًا عن عثمان وقد رفعه بعض الضعفاء".
* ورواه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٣٦) من طريق روح بن مسافر، عن زبيد، عن مرّة، عن ابن مسعود … رفعه. قال أبو نعيم: "لم نكتبه إلّا من هذا الوجه". قلت: روح متّهم متروك، والسند ساقط.
فهذه خمسة أوجه ساقطة لهذا المتن، لا يخلو وجه منها من متّهم أو متروك، وأكثرها جمع إلى ذلك المخالفة والنكارة، فاجتماعها لا يغني عنها شيئًا، والحديث ساقط، وقد أعلّه ابن عدي وأبو نعيم والبيهقي وابن كثير والهيثمي وقال الألباني: "ضعيف جدًّا".

<<  <   >  >>