للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ركعاتٍ (١).

وكانَ عُمَرُ قد أمَرَ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ وتَميمًا الدَّارِيَّ أنْ يقوما بالنَّاسِ في شهرِ رمضانَ، فكانَ القارئ يقْرَأُ بالمئتينِ في ركعةٍ، حتى كانوا يَعْتَمِدونَ على العِصِيِّ مِن طول القيامِ، ما كانوا يَنْصَرِفونَ إلَّا عندَ الفجرِ. وفي رواية: أنَّهُم كانوا يَرْبِطونَ الحبال بينَ السَّواري، ثمَّ يَتَعَلَّقونَ بها.

ورُوِيَ أنَّ عُمَرَ جمعَ ثلاثةَ قرَّاءٍ: فأمَرَ أسْرَعَهُم قراءةً أنْ يَقْرَأ بالنَّاسِ ثلاثينَ، وأوسطَهُم بخمسٍ وعشرينَ، وأبطأهُم بعشرينَ.

ثمَّ كانَ في زمانِ التَّابعينَ يَقْرَؤونَ بالبقرةِ في قيامِ رمضانَ في ثمانِ ركعاتٍ، فإنْ


(١) (صحيح). يرويه عمرو بن مرّة واختلف عليه فيه سندا ومتنا على ثلاثة وجوه: روى الأوَّل منها أحمد (٥/ ٤٠٠) من طريق قويّة، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة … رفعه بذكر الركعتين. ورواية طلحة عن حذيفة فيها انقطاع كما سيأتي. وروى الثاني: ابن نصر في "قيام رمضان" (ص ٢١٧)، والنسائي (٢٠ - قام الليل، ٢٥ - تسوية القيام بالركوع، ٣/ ٢٢٦/ ١٦٦٤)، والحاكم (١/ ٣٢١)؛ من طريقين قويّتين، عن العلاء، عن عمرو، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة … رفعه بذكر أربع. قال النسائيّ: "هذا الحديث عندي مرسل، وطلحة بن يزيد لا أعلم سمع من حذيفة شيئا، وغير العلاء قال في هذا الحديث عن طلحة عن رجل عن حذيفة". قلت: وهو الوجه الثالث الذي رواه: عليّ بن الجعد (٨٩)، وأحمد (٥/ ٣٩٨)، وأبو داوود (٢ - الصلاة، ١٥١ - ما يقول في الركوع والسجود، ١/ ٢٩٣/ ٨٧٤)، والترمذي في "الشمائل" (٢٦٢)، والبزّار (٢٩٣٤)، والنسائي في "الكبرى" (٦٥٦ و ١٣٧٩) و"المجتبى" (١٢ - التطبيق، ٢٥ - ما يقول في قيامه، ٢/ ١٩٩/ ١٠٦٨ و ١١٤٤)، والطحاوي في "المشكل" (١/ ٣٠٧)، والبيهقي (٢/ ١٢٢)، والبغوي في "السنّة" (٩١٠)، والمزّي في "التهذيب" (١٣/ ٤٤٨)؛ من طرق، عن شعبة، عن عمرو، عن أبي حمزة الأنصاري، عن رجل من بني عبس، عن حذيفة … رفعه بذكر أربع ركعات. قال النسائي: "أبو حمزة عندنا والله أعلم طلحة بن يزيد، وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة". قلت: يعني: صلة بن زفر؛ فإنّه عبسيّ، يروي عن حذيفة، وقد روى عنه هذا الحديث بالتحديد بلفظ مقارب عند مسلم (٧٧٢).
فأمّا بالنسبة للمتن؛ فرواية الثقتين بذكر الأربع أولى من رواية الثقة بذكر الاثنتين، أو يقال: رواية العلاء بذكر الأربع التي تابع فيها شعبة أولى من روايته التي تفرّد بها بذكر الثنتين. وعليه؛ فذكر الركعتين هاهنا شاذ والصواب ذكر الأربع.
وأمّا بالنسبة للسند؛ ففي الوجه الثالث زيادة ثقة جبل يتعيّن الأخذ بها. فإن كان ما استظهره النسائيّ وأقرّه عليه المنذري والمزّي والعسقلاني في أبي حمزة والعبسيّ صحيحًا - وهو مذهب وجيه جدًّا -؛ فالسند صحيح لذاته. وإن لم يكن كذلك؛ فأكثر المتن صحيح برواية مسلم المذكورة آنفًا إلّا أشياء يسيرة لا تعدو أن تكون تفصيلًا لما أجمله مسلم.
وقد مال إلى تصحيح الحديث الحاكم والمنذري والذهبي والألباني.

<<  <   >  >>