للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَرَأ [بها] في اثنتي عشرةَ ركعةً؛ رَأَوا أنَّهُ قد خَفَّفَ.

قالَ ابنُ مَنْصورِ: سُئِلَ إسْحاقُ (يَعْني: ابنَ راهَوَيْهِ): كم يُقْرَأُ في قيامِ شهرِ رمضانَ؟ فلم يُرَخِّصْ في دونِ عشرِ آياتٍ من البقرةِ. فقيلَ لهُ: إنَّهُم لا يَرْضَوْنَ. فقالَ: لا رَضُوا، فلا تَؤُمَّهُم إذا لم يَرْضَوْا بعشرِ آياتٍ مِن البقرةِ، ثمَّ إذا صِرْتَ إلى الآياتِ الخفافِ فبقدرِ عشرِ آياتِ مِن البقرةِ؛ يَعْني: في كلِّ ركعةٍ.

وكذلكَ كَرِهَ مالكٌ أنْ يُقْرَأ دونَ عشرِ آياتٍ.

وسُئِلَ الإمامُ أحْمَدُ عمَّا رُوِيَ عن عُمَرَ كما تَقَدَّمَ ذكرُهُ في السَّريعِ القراءةِ والبطيءِ.

فقالَ: في هذا مشقَّةٌ على النَّاسِ، ولا سيَّما في هذهِ الليالي القصارِ، وإنَّما الأمرُ على ما يَحْتَمِلُهُ النَّاسُ (١).

وقالَ أحْمَدُ لبعضِ أصحابِهِ - وكانَ يُصَلِّي بهِم في رمضانَ -: هؤلاءِ قومٌ ضعفاءُ، اقْرَأْ بِهِم خمسًا ستًّا سبعًا. قالَ: فقَرَأْتُ فخَتَمْتُ ليلةَ سبعٍ وعشرينَ.

وقد رُوِيَ عن الحَسَنِ: أن الذي أمَرَهُ عُمَرُ أنْ يُصَلِّيَ بالنَّاسِ كانَ يَقْرَأ خمسَ آياتٍ ستَّ آياتٍ.

وكلامُ الإمامِ أحْمَدَ يَدُلُّ على أنَّهُ يُراعى في القراءةِ حالُ المأْمومينَ، فلا يُشَقُّ عليهِم. وقالَهُ أيضًا غيرُهُ مِن الفقهاءِ مِن أصحابِ أبي حَنِيفَةَ وغيرِهِم.

وقد رُوِيَ عن أبي ذَرٍّ: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قامَ بهِم ليلةَ ثلاثٍ وعشرينَ إلى ثلثِ الليلِ، وليلةَ خمسٍ وعشرينَ إلى نصفِ الليلِ. فقالوا لهُ: لو نَفَّلْتَنا بقيَّةَ ليلتِنا؟ فقالَ: "إنَّ الرَّجلَ إذا صَلَّى مَعَ الإمامِ حتَّى يَنْصرِفَ؛ كُتِبَ لهُ بقيَّةُ ليلتِهِ" (٢). خَرَّجَهُ أهلُ السُّننِ،


(١) هذا والله قول فصل وحكم عدل لا ينبغي أن يمرّ أئمّة المساجد عليه مرور الكرام، فالله يرحم الإمام ما أفقهه وما أعدل آراءه! فالناس متفاوتون والأئمّة متفاوتون والأصوات متفاوتة والليالي متفاوتة.
(٢) (صحيح). رواه جبير بن نفير واختلف عليه في متنه على أربعة وجوه: روى أوَّلها: أحمد (٥/ ١٨٠)، والفريابي في "الصيام" (١٥١)، وابن خزيمة (٢٢٠٥)، وابن حبّان في "الصحيح" (٢٥٤٧)؛ من طريق معاوية بن صالح، ثني أبو الزاهريّة، عن جبير بن نفير، عن أبي ذرّ؛ قال: قام بنا - صلى الله عليه وسلم - ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل، ثمّ ليلة خمس وعشرين إلى نصفه، ثمّ ليلة سبع وعشرين إلى الصبح. وهذا سند حسن رجاله بين ثقة وصدوق. وروى الثاني: عبد الرزّاق (٧٧٠٦)، وابن أبي شيبة (٧٦٩٤)، وأحمد (٥/ ١٦٣)، والدارمي (٢/ ٢٦ و ٢٧)، وابن ماجه (٥ - إقامة الصلاة، ١٧٣ - قيام شهر رمضان، ١/ ٤٢٠/ ١٣٢٧)، وأبو داوود (٢ - =

<<  <   >  >>