وله شاهد عند: ابن أبي شيبة (٧٦٩٥)، وأحمد (٤/ ٢٧٢)، وابن نصر في "قيام رمضان" (ص ٢١٦)، والنسائي في "الكبرى" (١٢٩٩) و"المجتبى" (الموضع السابق، ٣/ ٢٠٣/ ١٦٠٥)، والفريابي في "الصوم" (١٥٥)، وابن خزيمة (٢٢٠٤)، والحاكم (١/ ٤٤٠)، والمزّي في "التهذيب" (٢٩/ ٤٨٦)؛ من وجه حسن، عن النعمان بن بشير: قمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة ثلاث وعشرين إلى نصف الليل، ثمّ قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثمّ قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتّى ظننّا أن لن ندرك الفلاح (يعني: السحور). فأمّا الوجه الثالث في حديث أبي ذرّ فتفرّد به وهيب بن خالد الثقة وعليّ بن عاصم الضعيف، فخالفا رواية جماعة الثقات عن داوود بن أبي هند ورواية الثقات عن جبير وحديث النعمان الحسن، وجعلا قيامه - صلى الله عليه وسلم - ليالي الشفع! وعلى هذا تكون رواية وهيب شاذّة ورواية عليّ منكرة، وإنّما أُتيا - والله أعلم - من تصرُّفهما في متن الحديث وروايته بالمعنى على حساب آخر الشهر. وأمّا الوجه الرابع في حديث أبي ذرّ؛ فتفرّد به عبد الرحمن بن جبير الثقة وخالف الأوجه الثلاثة المتقدّمة وحديث النعمان فجعل القيام ليلة سبع وعشرين إلى ثلث الليل فقط، وهذا حدّ الشذوذ، وإنّما أُتي من اختصاره الشديد الذي أخل بالمتن. فلم يبق إلّا الوجهان الأوّل والثاني، وكلاهما قوي، فإمّا أنّ أحدهما رواية بالمعنى للآخر، وإما أنّ أبا ذرّ رضي الله عنه كان يرويه على الوجهين، والحديث صحيح بمجموعهما، وقد صحّحه الترمذي وابن خزيمة وابن حبّان والبغوي والمنذري والألباني. فائدة: دلّ هذان الوجهان مع حديث النعمان على أنّ المراد بقولهم "ليلة سابعة تبقى" و"ليلة بقي من الشهر سبع" هو ليلة ثلاث وعشرين … وهكذا دواليك، وأنّهم كانوا يحتسبونها على نقصان الشهر - كما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - لأنَّه متيقّن. فتمسّك بهذه الفائدة؛ فإنها عظيمة النفع في ضبط هذه المسألة وقطع الخلاف فيها.