للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأواخرِ كلَّ ليلةٍ.

وكانَ للشَّافِعِي في رمضانَ ستُّونَ ختمةً تقْرَؤُها في غيرِ الصَّلاةِ.

وعن أبي حَنيفَةَ نحوُهُ.

وكانَ قَتَادَةُ يَدْرُسُ القرآنَ في شهرِ رمضانَ (١).

وكانَ الزُّهْرِيُّ إذا دَخَلَ رمضانُ قالَ: إنَّما هوَ تلاوةُ القرآنِ وإطعامُ الطَّعامِ.

قالَ ابنُ عَبْدِ الحَكَمِ: كانَ مالِكٌ إذا دَخَلَ رمضانُ؛ نَفَرَ (٢) مِن قراءةِ الحديثِ ومجالسةِ أهلِ العلمِ، وأقْبَلَ على تلاوةِ القرآنِ مِن المصحفِ.

وقالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كانَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ إذا دَخَلَ رمضانُ؛ تَرَكَ جميعَ العبادةِ وأقْبَلَ على تلاوةِ القرآنِ.

وكانَتْ عائِشَةُ تَقْرَأُ في المصحفِ أوَّلَ النَّهارِ في شهرِ رمضانَ، فإذا طَلَعـ[ـتِ] الشَّمسُ؛ نامَتْ.

وقالَ سُفْيانُ: كانَ زُبَيْدٌ اليمامِيُّ إذا حَضَرَ رمضانُ؛ أحْضَرَ المصاحفَ وجَمَعَ إليهِ أصحابَهُ.

وإنَّما وَرَدَ النَّهيُ عن قراءةِ القرآنِ في أقلَّ مِن ثلاثٍ على المداومةِ على ذلكَ. فأمَّا في الأوقاتِ المفضَّلةِ - كشهرِ رمضانَ خصوصًا اللياليَ التي يُطْلَبُ فيها ليلةُ القدرِ - أو في الأماكنِ المفضَّلةِ (٣) - كمكَّةَ لمَن دَخَلَها مِن غيرِ أهلِها -؛ فيُسْتَحَبُّ الإكثارُ فيها مِن تلاوةِ القرآنِ؛ اغتنامًا للزَّمانِ والمكانِ. وهذا قولُ أحْمَدَ وإسْحاقَ وغيرِهِما مِن الأئمَّةِ، وعليهِ يَدُلُّ عملُ غيرِهِم، كما سَبَقَ ذكرُهُ (٤).


(١) في خ: "في كلّ شهر رمضان"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٢) كذا في م وط، وفي خ ون: "يفرّ"، والغالب أنّه تصحيف.
(٣) في خ: "فأمّا أوقات الفضيلة … الأماكن الفاضلة"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٤) فيه نظر من وجوه: أوّلها: أنّ النهي عن قراءة القرآن في أقلّ من ثلاث عامّ يتناول المداومة وغيرها والأماكن الفاضلة وغيرها والأوقات الفاضلة وغيرها، فمن رام قصره على حال دون حال أو مكان دون مكان أو زمان دون زمان فلا بدّ له من دليل، وهيهات! والثاني: أنّ عدم القراءة في أقل من ثلاث هو هدي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد صحّ عن عائشة رضي الله عنها أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وهذا عامّ أيضًا كالذي قبله، ومن رغب عن سنته - صلى الله عليه وسلم - فليس منه. والثالث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - بيّن علّة النهي عن الختم في أقلّ من ثلاث بقوله:=

<<  <   >  >>