للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكرِ عيوبِ الدُّنيا وذمِّها والتَّزهيدِ فيها، وذكرِ فضلِ الجنَّةِ ومدحِها والتَّرغيبِ فيها، وذكرِ النَّارِ وأهوالِها والتَّرهيب مِنها.

وفي مجالسِ الذِّكرِ تتَنَزَّلُ الرَّحمةُ وتَغْشى السَّكينةُ وتَحُفُّ الملائكةُ ويَذْكُرُ اللهُ أهلَها فيمَن عندَهُ (١).

وهمُ القومُ لا يَشْقى بهِم جليسُهُم: فربَّما رُحِمَ معَهُم مَن جَلَسَ إليهِم وإنْ كانَ مذنبًا، وربَّما بَكى فيهِم باكٍ مِن خشيةِ اللهِ فوُهِبَ أهلُ المجلسِ كلُّهُم لهُ.

وهيَ رياضُ الجنَّةِ؛ قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مَرَرْتُمْ برياضِ الجنَّةِ فارْتَعُوا". قالوا: وما رياضُ الجنَّةِ؟ قالَ: "مجالسُ الذّكرِ" (٢).


(١) جاء في حاشية خ هنا: "وعن أبي هريرة وأبي سعيد؛ أنّهما شهدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلّا حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده". والغالب أنّه من تعقّبات النسّاخ.
(٢) (صحيح بطرقه وشواهده). وقد جاء عن جماعة من الصحابة.
* فرواه: أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣٥٤)، والخطيب في "الفقيه والمتفقّه" (١/ ١٢)؛ من طريقين إحداهما قويّة، عن محمّد بن عبد بن عامر السمرقندي (وسمّاه أبو نعيم: محمّد بن عبد الله بن عامر)، عن قتيبة بن سعيد، ثنا مالك بن أنس، عن نافع، (زاد أبو نعيم: عن سالم)، عن ابن عمر … رفعه. قال أبو نعيم: "غريب من حديث مالك، لم نكتبه إلّا من حديث محمّد بن عبد الله بن عامر". قال الألباني في "الصحيحة" (٢٥٦٢): "ولم أعرفه، ويحتمل أن (عامر) محرّف من (نمير)، فإن كان كذلك؛ فهو ثقة. ثمّ رأيت ما يرجّح أنّه هو، فقد ذكره المزّي في الرواة عن قتيبة". قلت: ذكر المزّي له في الرواة عن قتيبة دليل ظنّي وليس بالحاسم، ولو وقف الشيخ رحمة الله عليه على سند الخطيب؛ لعلم أنّه ليس بتحريف، ولكنّه محمّد بن عبد بن عامر السمرقنديّ الكذاب الوضّاع. وعليه؛ فالسند ساقط.
ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" (٥/ ٨٤ - لسان) من طريق محمّد بن إسحاق الصيرفي أبي ذرٍّ، عن عليّ بن معبد بن نوح، عن عليّ بن معبد بن شدّاد، عن مالك … به فذكره. قال الدارقطني: "باطل موضوع، وأبو ذرٍّ هذا كان ضعيفًا".
* ورواه الخطيب في "الفقيه والمتفقّه" (١/ ١٣) من طريق أبي عثمان سعيد بن عثمان الحمصي، نا عبيد بن جناد صدوق، نا عطاء بن مسلم الحلبي، عن زيد العمّي، عن القاسم بن محمّد، عن عبد الله بن عمرو … رفعه. وهذا واه فيه علل: أولاها: أنّ سعيدًا وعطاء وزيدًا ضعاف. والثانية: أنّ سعيدًا خولف فرواه الخطيب (بعده) من طريق موسى بن مروان، عن عطاء، عن زيد بن حبّان، عن القاسم بن الوليد، عن ابن مسعود … رفعه بنحوه. ورواية موسى أرجح لأنّه صدوق كما تفيده ترجمته في "التهذيب"، فالحديث لابن مسعود، لولا أنّ زيدًا لا يعدو أن يكون صالحًا في المتابعات ورواية القاسم عن ابن مسعود مرسلة. والثالثة: أنّ عطاء هذا خولف، فرواه الخطيب (بعده) من طريق مسلسلة بالأئمة الثقات، عن القاسم بن الوليد، عن =

<<  <   >  >>