للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، وقد ذَكَرْناهُ فيما سَبَقَ.

وحُكِيَ عنهُ أنَّها تُطْلَبُ ليلةَ إحدى وعشرينَ وثلاثٍ وعشرينَ، قالَ في القديمِ: كأنِّي رَأيْتُ - واللهُ أعلمُ - أقوى الأحاديثِ فيهِ ليلةَ إحدى وعشرينَ وليلةَ ثلاثٍ وعشرينَ. وقد جاءَ في ليلةِ سبعَ عشرةَ وليلةِ أربعٍ وعشرينَ وليلةِ سبعٍ وعشرينَ. انْتَهى.

ورُوِيَ عن عَلِيٍّ وآبنِ مَسْعودٍ أنَّها تُطْلَبُ ليلةَ إحدى وعشرينَ وثلاثٍ وعشرينَ.

• وحُّكِيَ للشَّافِعِيِّ قولٌ آخرُ؛ أن أرجاها ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ - وهذا قولُ أهلِ المدينةِ. وحَكاهُ سفيانُ الثَّوْرِيُّ عن أهلِ مَكَّةَ والمدينةِ. وممَّن رُوِيَ عنهُ أنَّهُ كانَ يوقِظُ أهلَهُ فيها ابنُ عَبَّاسٍ وعائِشةُ. وهوَ قولُ مَكحولٍ.

ورَوى: رِشدينُ بنُ سَعْدٍ، عن زُهْرَةَ بن مَعْبَدٍ؛ قالَ: أصابَني احتلامٌ في أرضِ العدوِّ وأنا في اليحرِ ليلةَ ثلاثٍ وعشرينَ - في رمضانَ، فذَهَبْتُ لِأغتَسِلَ، فسَقَطْتُ في الماءِ، فإذا الماءُ عذبٌ، فنادَيْتُ أصحابي أُعلِمُهُم أنِّي في ماءٍ عذبٍ (١).

قالَ ابنُ عَبْدِ البَرِّ: هذهِ الليلةُ تُعْرَفُ بليلةِ الجُهَنِيِّ بالمدينةِ؛ يَعْني: عَبْدَ اللهِ بنَ أُنَيْسٍ. وقد رُوِيَ عنهُ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَهُ بقيامِها (٢).

وفي "صحيح مسلم" (٣) عنهُ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في ليلةِ القدرِ: "أُرِيتُ أنِّي أسْجُدُ صبيحتَها في ماءٍ وطينٍ". فانْصَرَفَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن صلاةِ الصُّبح يومَ ثلاثٍ وعشرينَ وعلى جيهتِهِ أثرُ الماءِ والطِّينِ.

وقالَ سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ: كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في نفرٍ مِن أصحابِهِ، فقالَ: "ألا أُخْبِرُكُم بليلةِ القدرِ؟ ". قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ! فسَكتَ ساعةً، فقالَ: "لقد قُلْتُ لكُم ما قُلْتُ آنفًا وأنا أعْلَمُها، ثمَّ أُنْسِيتُها، أرَأيْتُم يومًا كنَّا بموضعِ كذا وكذا؛ أيُّ ليلةٍ هيَ (في غزوةٍ غَزاها)؟ ". ققالوا: سِرْنا، ققَفَلْنا … حتَّى اسْتَقامَ ملأُ القومِ على أنَّها ليلةُ ثلاثٍ


(١) رشدين بن سعد ضعيف. ثمّ لو صحّ هذا؛ فأيّ دليل فيه على أنّها ليلة القدر؟! وهل من أدلّة ليلة القدر أن تصبح البحار عذبة؟! وقد تقدّم قبل صفحات أنّهم وجدوا البحر عذبًا ليلة سبع عشرة!
(٢) وقد تقدّم حديث عبد الله بن أنيس من أكثر من وجه. وانظر ما بعده.
(٣) (١٣ - الصيام، ٤٠ - فضل ليلة القدر، ٢/ ٨٢٧/ ١١٦٨).

<<  <   >  >>