روى أوّلها: مسلم (١١٦٥) وغيره من طريق عقبة بن حريث (ثقة)، سمعت ابن عمر، قال - صلى الله عليه وسلم -: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبنّ عن السبع البواقي". وهذا رأس الباب؛ لأنّه يدلّ على أنّ السبع والعشر محفوظين عن ابن عمر. وروى الثاني والثالث مسلم (١١٦٥) وغيره من طريق جبلة ومحارب (ثقتان)، سمعا ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر"، أو قال: "في التسع الأواخر". والتسع هنا محرّفة عن السبع، دلّ على ذلك أنّ شيخ مسلم في هذا الحديث - وهو ابن أبي شيبة - روى هذا الحديث نفسه في "المصنّف" (٨٨٦٣ و ٩٥٢٤) فقال: "السبع الأواخر"، وبهذا التحقيق يتطابق هذا الوجه مع ما قبله. وروى الرابع: البخاري (٦٩٩١)، ومسلم (١١٦٥)، وغيرهما؛ من طريق الزهريّ، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "التمسوها في (قال البخاري: السبع، وقال مسلم: العشر) الغوابر". وكلا الروايتين تتطابقان مع ما تقدّم. وروى الخامس: ابن أبي شيبة (٨٨٦٢ و ٩٥٤٢)، وأحمد (٢/ ٦٢ و ٧٤)، ومسلم (١١٦٥)، والنسائي في "الكبرى" (٧١٤٧ - تحفة)، والطحاوي (٣/ ٨٤ و ٨٧)، وابن حبّان (٣٦٨١)؛ من طرق خمس قويّة، عن عبد الله بن دينار، سمعت ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قال:، تحرّوها في السبع (وقال الثوري: العشر) الأواخر". وهذا يطابق الروايات المتقدّمة. وخالفهم شعبة فيما رواه: الطيالسي (١٨٨٨)، وأحمد (٢/ ٢٧ و ١٥٧) وفي "العلل" (٥٩٢٣)، وعبد بن حميد (٨٩٣)، وعبد الله بن أحمد (٢/ ١٥٧)، والطحاوي (٣/ ٩١)، والبيهقي (٤/ ٣١١)، وابن عبد البرّ (١٧/ ٨٥)؛ عنه، عن ابن دينار، عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "تحروها ليلة سبع وعشرين". ثمّ شكّ شعبة هل هو ليلة سبع وعشرين أو هو في السبع الأواخر. وهذا شاذّ: خالف فيه شعبة جماعة الرواة عن عبد الله بن دينار وفيهم مالك والثوري، وخالف جماعة الرواة عن ابن عمر، وهو مع ذلك شاكّ متردّد. وروى السادس: مالك (١/ ٣٢١)، وأحمد (٢/ ١٧)، والبخاري (٢٠١٥)، ومسلم (١١٦٥)، والنسائي في "الكبرى" (٣٣٩٨ و ٣٣٩٩ و ٧٦٢٨)، والطحاوي (٣/ ٨٥ و ٩١)، وابن حبّان (٣٦٧٥)، والبيهقي في "السنن" (٤/ ٣١٠) و"الشعب" (٣٦٧٧)؛ من طرق خمس قويّة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "التمسوها في السبع الأواخر". وهذا يطابق ما تقدّم. ورواه أيّوب من هذا الوجه فاختلف عليه فيه على ثلاثة أوجه: روى أوّلها: أحمد (٢/ ٥) من طريق إسماعيل، وابن خزيمة (٢١٨٢) من طريق عبد الوارث؛ كلاهما عن أيّوب، عن نافع، عن ابن عمر … به باللفظ المتقدّم قبله. وروى الثاني: عبد الرزاق (٧٦٨٨)، عن معمر، عن أيّوب … باللفظ الذي ذكره المصنف. وروى الثالث: الثعلبيّ في "التفسير" باللفظ الذي ذكره المصنّف. والراجح هنا هو الوجه الأوّل: لاجتماع إسماعيل بن علية وعبد الوارث بن سعيد الثقتين الثبتين الإمامين عليه ولموافقتهما لرواية الجماعة عن نافع، بخلاف رواية عبد الرزّاق - الذي عمي وتغيّر - عن معمر - الذي تكلّموا في بعض حديثه - التي جاءت مضطربة على وجهين ومخالفة لرواية الثقتين عن أيّوب والجماعة عن نافع وهذا حدّ الشذوذ.