للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المؤمنون: ٦٠].

رُوِيَ عن عَلِيٍّ؛ قالَ: كونوا لقبولِ العملِ أشدَّ اهتمامًا منكُم بالعملِ، ألمْ تَسْمَعوا الله عَزَّ وجَلَّ يَقولُ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧].

وعن فَضالَةَ بن عُبَيْدٍ؛ قالَ: لأنْ أكونَ أعْلَمُ أن الله قد تَقَبَّلَ منِّي مثقالَ حبَّةٍ مِن خردلٍ أحبُّ إليَّ مِن الدُّنيا وما فيها؛ لأنَّ الله يَقولُ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.

وقالَ مالكُ دينارٍ: الخوفُ على العملِ أنْ لا يُتَقَبَّلَ أشدُّ مِن العملِ.

وقالَ عَطاءٌ السَّلِيمِيُّ: الحذرُ الاتِّقاءُ على العملِ أنْ لا يَكونَ للهِ.

وقالَ عَبْدُ العَزيزِ بنُ أبي رَوَّادٍ: أدْرَكْتُهُم يَجْتَهِدونَ في العملِ الصَّالحِ، فإذا فَعَلوهُ؛ وَقَعَ عليهِمُ الهمُّ؛ أتُقُبِّلَ [منهُم] أم لا؟

قالَ بعضُ السَّلفِ: كانوا يَدْعُونَ الله ستَّةَ أشهرٍ أنْ يُبَلِّغَهُم شهرَ رمضانَ، ثمَّ يَدْعُونَ الله ستَّةَ أشهرٍ أنْ يَتَقَبَّلَهُ منهُم.

خَرَجَ عُمَرُ بن عَبْدِ العزيزِ رَحِمَهُ اللهُ في يومِ عيدِ فطرٍ، فقالَ في خطبتِهِ: أيُّها النَّاسُ! إنَّكُم صُمْتُمْ للهِ ثلاثينَ يومًا، وقُمْتُم ثلاثينَ ليلةً، وخَرَجْتُمُ اليومَ تَطْلُبونَ مِن اللهِ أنْ يَتَقَبَّلَ منكُم.

كانَ بعضُ السَّلفِ يَظْهَرُ عليهِ الحزن يومَ عيدِ الفطرِ. فيُقالُ لهُ: إنَّهُ يومُ فرحٍ وسرورٍ. فيَقولُ: صَدَقْتُمْ، ولكنِّي عبدٌ أمَرَني مولايَ أنْ أعْمَلَ لهُ عملًا، فلا أدْري أيَقْبَلُهُ منِّي أم لا؟

رَأى وُهَيْبُ بنُ الوَرْدِ قومًا يَضْحَكونَ [في] يومِ عيدٍ، فقالَ: إنْ كانَ هؤلاءِ تُقُبِّلَ منهُم صيامُهُم؛ فما هذا فعلَ الشَّاكرينَ، وإنْ كانوا لمْ يُتَقَبَّلْ منهُم صيامُهُم؛ فما هذا فعلَ الخائفينَ (١).

وعنِ الحَسَنِ؛ قالَ: إنَّ الله جَعَلَ شهرَ رمضانَ لخلقِهِ مضمارًا يَسْتَبِقونَ فيهِ بطاعتِهِ إلى مرضاتِهِ، فسَبَقَ قومٌ ففازوا وتَخَلَّفَ آخرونَ فخابوا، فالعجب مِن اللاعبِ


(١) فماذا يفعل المسلم يوم العيد إذًا؟! يعتزل الناس يبكي حزنًا وأسفًا! هل هذه هي الحنيفيّة السمحة التي جاء بها الإسلام؟! هل هذا هو التبشير والتيسير الذي سنّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وسار عليه أصحابه؟!

<<  <   >  >>