للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضَّاحكِ في اليومِ الذي يَفوزُ فيهِ المحسنونَ ويَخْسَرُ فيهِ المبطلونَ.

لَعَلَّكَ غَضْبانٌ وَقَلْبِيَ غافِلٌ … سَلامٌ عَلى الدَّارَيْنِ إنْ كُنْتَ راضِيا

ورُوِيَ عن عَلِيٍّ؛ أنَّهُ كانَ يُنادي في آخرِ ليلةٍ مِن شهرِ رمضانَ: يا ليتَ شعري! مَن هذا المقبولُ فنُهَنِّيَهُ، ومَن هذا المحرومُ فنُعَزِّيَهُ؟

وعنِ ابن مَسْعودٍ؛ أنَّهُ كانَ يَقولُ: مَن هذا المقبولُ منَّا فنُهَنِّيَهُ، ومَن هذا المحرومُ منَّا فنُعَزِّيَهُ (١)؟

أيُّها المقبولُ! هنيئًا لكَ. أيُّها المردودُ! جَبَرَ اللهُ مصيبتَكَ.

لَيْتَ شِعْري مَنْ فيهِ يُقْبَلُ مِنَّا … فَيُهَنَّا [و] يا خَيْبَةَ المَرْدودِ

مَنْ تَوَلَّى عَنْهُ بِغَيْرِ قَبولٍ … أرْغَمَ اللهُ أنْفَهُ بِخِزْيٍ شَديدِ

• ماذا فاتَ مَن فاتَهُ خيرُ رمضان؟! وأيُّ شيءٍ أدْرَكَ مَن أدْرَكَهُ فيهِ الحرمان؟! كم بينَ مَن حظُّهُ فيهِ القبولُ والغفران ومَن كانَ حظُّهُ فيهِ الخيبة والخسران!

ربَّ قائمٍ حظُّهُ مِن قيامِهِ السَّهرُ وصائمٍ حظُّهُ مِن صيامِهِ الجوعُ والعطشُ.

ما أصْنِعُ هكَذا جَرى المَقْدورُ … الجَبْرُ لِغَيْري وَأنا المَكْسورُ

أسيرُ ذَنْبٍ مُقَيَّدٌ مَهْجورُ … هَلْ يُمْكِنُ أنْ يُغَيَّرَ المَقْدورُ

غيرُهُ:

سارَ القَوْمُ وَالشَّقا يُقْعِدُني … حازوا القُرْبَ وَالجَفا يُبْعِدُني

حَسْبِيَ حَسْبِي إلى مَتى تَطْرُدُني … أعدايَ دائي وَكُلُّهُمْ يَقْصِدُني

غيرُهُ:

أسْبابُ هَواكَ أوْهَنَتْ أسْبابي … مِنْ بَعْدِ جَفاكَ فَالضَّنى أوْلى بي

ضاقَتْ حِيَلي وَأنْتَ تَدْري ما بي … إِرْحَمْ فَالعَبْدُ واقِفٌ بِالبابِ

شهرُ رمضانَ تَكْثُرُ فيهِ أسبابُ الغفرانِ. فمِن أسبابِ المغفرةِ فيهِ صيامُهُ وقيامُهُ وقيامُ ليلةِ القدرِ فيهِ، كما سَبَقَ. ومنها تفطيرُ الصُّوَّامِ والتَّخفيفُ عن المملوكِ، وهُما


(١) تأمّل الفرق بين قول هذين الصحابيّين وما سبق من الأقوال! بين المؤمن العمليّ الذي يمارس نشاطه اليوميّ وقلبه متأرجح بين الخوف والرجاء، وبين المتقوقع المنغلق الذي ملأ قلبَهُ سوءُ الظنّ بالله.

<<  <   >  >>