للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رمضانَ؛ أصْبَحَ الغدَ صائمًا مِن شوَّالٍ حتَّى يَأْتِىَ على آخرِهِ (١).

وصيامُ شوَّالٍ كصيامِ شَعْبانَ؛ لأنَّ كلا الشَّهرينِ حريمٌ لشهرِ رمضانَ، وهُما يَلِيانِهِ.

وقد ذَكَرْنا في فضلِ صيامِ شعبانَ أن الأظهرَ أن صيامَهُما أفضلُ مِن صيامِ الأشهرِ الحرمِ، والاختلافَ في ذلكَ.

• وإنَّما كانَ صيامُ رمضانَ وإتباعُهُ بستٍّ مِن شوَّالٍ يَعْدِلُ صيامَ الدَّهرِ؛ لأنَّ الحسنةَ بعشرِ أمثالِها.

وقد جاءَ ذلكَ مفسَّرًا مِن حديثِ ثوبانَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "صيامُ رمضانَ بعشرةِ أشهرٍ، وصيامُ ستَّةِ أيَّامٍ بشهرينِ، فذلكَ صيامُ سنةٍ" (٢)؛ يَعْني: رمضانَ وستَّةَ أيَّامٍ بعدَهُ. خَرَّجَهُ الإمامُ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ - وهذا لفظُهُ - وابنُ حِبَّانَ في "صحيحِهِ"، وصَحَّحَهُ أبو حاتِمٍ الرَّازِيُّ. وقالَ الإمامُ أحْمَدُ: ليسَ في أحاديثِ البابِ أصحُّ منهُ. وتَوَقَّفَ فيهِ في روايةٍ أُخرى.


(١) (ضعيف). لم أقف عليه في مطبوع "مسند أبي يعلى" فلعلّه في "مسنده الكبير"، لكن ساق البوصيريّ رحمة الله عليه طريقه فكفانا مؤنة الحدس والرجم بالغيب فقال: "رواه أبو يعلى في "مسنده" من طريق محمّد بن إسحاق، عن أبي محمّد بن أُسامة، عن جدّه أُسامة … به مرفوعًا". وهذا سند واهٍ وإن سلمت الطريق إلى ابن إسحاق: فابن إسحاق عنعن علي تدليسه. وأبو محمّد بن أُسامة لم أقف له على ذكر، والغالب على الظنّ أنّه تحريف صوابه محمّد بن أسامة بن محمّد بن أسامة، فهذا الذي ذكر أهل التواريخ رواية ابن إسحاق عنه، وهو رجل مجهول، وروايته عن أسامة بن زيد منقطعة، بينه وبينه أبوه وجده، وأبوه مجهول مثله، فالسند واه بمرة بعنعنة مدلس ومجهولين أو بعنعنة مدلس وانقطاع أو إعضال.
فالطريق المتقدّمة آنفًا منقطعة، وهذه واهية راجحة الانقطاع في الموضع نفسه، بل لا يبعد أنّ التيميّ في الطريق الأولى تلقّاه عن أبي محمد في الثانية، فتعود الطريقان واحدة. وإلى تقوية الحديث بطريقيه مال ابن رجب والبوصيري والسيوطي والمناوي، وقد تقدّم لك ما فيهما، وضعّفه الألباني، وهو الأولى بقواعد المصطلح. والله أعلم.
(٢) (صحيح). رواه: أحمد (٥/ ٢٨٠)، والدارمي (٢/ ٢١)، وابن ماجه (٧ - الصيام، ٣٣ - صيام ستّة أيّام، ١/ ٥٤٧/ ١٧١٥)، والنسائي في "الكبرى" (٢٨٦٠ و ٢٨٦١)، وابن خزيمة (٢١١٥)، والروياني (١٣٤)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٣/ ١١٩)، وابن حبّان (٣٦٣٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢/ ١٠٢/ ١٤٥١) و"الشاميين" (٤٨٥ و ٨٩٨ و ٩٠٣)، والبيهقي في "الشعب" (٣٧٣٥ و ٣٧٣٦) و"السنن" (٤/ ٢٩٣)، والخطيب في "التاريخ" (٢/ ٣٦٢)؛ من طرق قويّة، عن يحيى بن الحارث، أني أبو أسماء الرحبي، عن ثوبان … رفعه بهذا اللفظ وبنحوه.
وهذا سند صحيح، صحّحه أحمد وأبو حاتم وابن خزيمة وابن حبّان والمنذري والبوصيري والألباني.

<<  <   >  >>