للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديثٍ مرسل: "الحجُّ جهادٌ والعمرةُ تطوُّعٌ" (١).

وفي حديثٍ آخرَ مرسلٍ خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ؛ أن رجلًا قالَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنِّي جبانٌ لا أُطيقُ لقاءَ العدوِّ. قالَ: "أفلا أدُلُّكَ على جهادٍ لا قتالَ فيهِ؟ ". قالَ: بلى. قالَ: "عليكَ بالحجِّ والعمرةِ" (٢).


= الهاد، عن محمّد بن إبراهيم، [عن أبي سلمة]، [عن أبي هريرة] … رفعه.
وهذا سند يمكن أن يعلّ بأنّه جاء مرّة عن محمّد بن إبراهيم مرسلًا، ومرّة عن محمّد عن أبي هريرة منقطعًا. والجواب عن هذا أنّ الطريق المسندة المذكورة قد جاءت من وجه قويّ عن ابن الهاد، فلها حكم زيادة الثقة، والأوجه الأُخرى لا تضرّها عندئذ بل تزيدها قوّة، ولذلك قال المنذري: "إسناد حسن"، وقال الهيثمي (٣/ ٢٠٩): "رجاله رجال الصحيح". وضعّفه الألباني في "ضعيف الجامع" ثمّ حسّنه في "صحيح النسائي".
ثمّ يشهد له ما قبله وما بعده، فهو صحيح به.
(١) (ضعيف جدًّا). وقد جاء عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أوجه:

• فرواه: الطبراني (١١/ ٣٥٠/ ١٢٢٥٢)، والذهبي في "ميزان الاعتدال" (٣/ ٤٩٢) تعليقًا، والبيهقي (٤/ ٣٤٨) تعليقًا؛ من طريق محمّد بن بكّار، ثنا محمّد بن الفضل بن عطية، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس … رفعه. قال ابن حزم: "ابن بكّار وابن الفضل مجهولان". وتعقّبه الذهبي بقوله: "أمّا ابن بكّار؛ فصحيح أنّه مجهول، وأمّا ابن الفضل … فهو ضعيف متروك بالإجماع". قلت: وقال الهيثمي (٣/ ٢٠٨): "فيه محمّد بن الفضل بن عطيّة، وهو كذّاب".
* ورواه: ابن ماجه (٢٥ - المناسك، ٤٤ - العمرة، ٢/ ٩٩٥/ ٢٩٨٩)، وابن أبي حاتم في "العلل" (٨٥٠) تعليقًا، والطبراني في "الأوسط" (٦٧١٩)؛ من طريق الحسن بن يحيى الخشني، [عن عمرو بن قيس]، عن طلحة بن موسى، عن عمّه إسحاق بن طلحة، عن طلحة بن عبيد الله … رفعه. قال أبو حاتم: "حديث باطل". وقال البوصيري: "ضعيف. عمر بن قيس المعروف بسندل ضعّفه أحمد وابن معين … والحسن الراوي عنه ضعيف". قلت: سندل متروك. وضعّف حديثه العسقلاني والشوكاني.

• وعلّقه البيهقي (٤/ ٣٤٨) من طريق شعبة، عن معاوية بن إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة … رفعه. وهاهنا علّتان: أولاهما: قول البيهقي: "الطريق إلى شعبة ضعيفة". والثانية: أنّه رواه: الشافعي في "الأُمّ" (٢/ ١٣٢) و"المسند" (ص ١١٢)، وابن أبي شيبة (١٣٦٤٥)، وابن جرير (٣٢٣١)، والبيهقي (٤/ ٣٤٨)؛ من طرق قويّة، عن معاوية، عن أبي صالح الحنفي … مرسلًا. فهذا الوصل قد جمع الضعف إلى المخالفة، وهذا حدّ النكارة.

• ورواه: ابن أبي شيبة (١٣٦٤٦)، وابن جرير (٣٢١٩ و ٣٢٢٠)؛ من طريق أبي معشر، عن إبراهيم، عن ابن مسعود … موقوفًا. فهذا أولى على ضعف أبي معشر.
فطرق الحديث المرفوعة ساقطة فرادى ومجتمعة، وطريقه الموقوفة ضعيفة، وقد ضعّفه الشافعي وأبو حاتم والدارقطني وابن حزم والبيهقي والذهبي والبوصيري والهيثمي والعسقلاني والشوكاني والألباني.
(٢) (ضعيف جدًّا). رواه عبد الرزّاق (٨٨١٠ و ٩٢٧٣ و ٩٢٧٤) من طريقين، عن عبد الكريم الجزري، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا معضل سقط منه الصحابيّ والتابعيّ؛ فإنّ الجزري من أتباع التابعين.

<<  <   >  >>