للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهُم مَن قالَ: إنْ كانَ ثَمَّ رحمٌ محتاجةٌ أو زمنُ مجاعةٍ؛ فالصَّدقةُ أفضلُ، وإلَّا؛ فالحجُّ. وهوَ نصُّ أحْمَدَ. ورُوِيَ عن الحَسَنِ معناهُ وأنَّ صلةَ الرَّحمِ والتَّنفيسَ عن المكروبِ أفضلُ مِن التَّطوُّعِ بالحجِّ (١).

وفي "كتابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ" بإسنادٍ ضعيفٍ: عن عائِشَةَ؛ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن رجلٍ حَجَّ فأكْثَرَ، أيَجْعَلُ نفقتَهُ في صلةٍ أو عتقٍ؟ فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "طوافُ سبعٍ لا لغوَ فيهِ يَعْدِلُ رقبةً" (٢). وهذا يَدُلُّ على تفضيلِ الحجِّ.

واسْتَدَلَّ مَن رَأى ذلكَ أيضًا بأن النَّفقةَ في الحجِّ مِن النَّفقةِ في سبيلِ اللهِ.

وفي "مسند الإمام أحْمَد": عن بُرَيْدَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "النَّفقةُ في الحجِّ كالنَّفقةِ في سبيلِ اللهِ بسبعِ مئةِ ضعفٍ" (٣).


(١) وهذا قول حسن جدًّا، ويزداد حسنه في حقّ من أكثر من الحجّ والعمرة وفي حقّ من ينفق على حجّه وعمرته المبالغ الطائلة، وفي حقّ من يكثر حوله الفقراء والمحتاجون من أُسرته وأهل بلده … وما أعظم غفلة الناس عن هذه المعاني! ترى الرجل يطوف ويسعى وينفق الأموال الطائلة على رحلات الطائرات والفنادق الفخمة وأخوه ابن أُمّه وأبيه قد آذاه المرض وأقعده وهو لا يملك ثمنًا لجراحة ولا لعلاج!
(٢) (ضعيف جدًّا). رواه عبد الرزّاق (٨٨٣٣): أنا ابن محرّر، سمعت عطاء بن رباح، يحدّث عن عائشة … رفعته. وابن محرّر ساقط الحديث، ولذلك ضعّفه ابن رجب، وقال الألباني: "ضعيف جدًّا".
وقد جاء هذا المعنى عن عبد الله بن عبيد بن عمير مرسلًا عند عبد الرزّاق (٨٨٢٤) لكن بسند ضعيف.
وجاء موقوفًا على ابن عمرو (٨٨٢٥) وعلى كعب الأحبار (٨٨٢٨)، فلعلّ هذا أصله ثمّ رفعه هذا الهالك وجعله من حديث عطاء.
(٣) (حسن لشواهده). رواه: مسدّد في "مسنده" (٣/ ٦٣ - ٦٤ تاريخ البخاري)، وأحمد (٥/ ٣٥٤)، والبخاري في "التاريخ" (٣/ ٦٣ - ٦٤)، والفاكهي (٩٠٣)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (٧٥ - ٧٦)، والروياني (٦٥)، وابن الأعرابي في "المعجم" (٩٩١)، والطبراني في "الأوسط" (٥٢٧٠)، والبيهقي (٤/ ٣٣٢) وفي "الشعب" (٤١٢٤ - ٤١٢٦)، وأبو موسى المديني في "الصحابة" (٣/ ١٣٢ - إصابة)؛ من طرق، عن عطاء بن السائب، (قال مرّة: عن محمّد بن زهير مرسلًا، ومرّة: عن عبد الله بن زهير مرسلًا، ومرّة: عن حرب بن زهير أبي زهير الضبعي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعًا، ومرّة: عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعًا، ومرّة: عن زهير عن علقمة عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعًا). وهذا سند ضعيف فيه علل: أولاها: أنّ عطاء اختلط، والرواة عنه على كثرتهم ليس فيهم من روى عنه قبل الاختلاط، لكنّه توبع كما سيأتي في الحديث بعده فبريء من عهدة الحديث. والثانية: أنّه اضطرب فيه على الأوجه الملخّصة آنفًا. والثالثة: أنّ زهيرًا هذا أو ابن زهير مجهول، قال الهيثمي (٣/ ٢١١): "فيه أبو زهير لم أجد من ذكره". قلت: ترجمه ابن أبي حاتم والعسقلاني في "التعجيل" بما يدلّ على جهالته.

<<  <   >  >>