للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سَبَقَ حديثُ: "مَن لمْ يَكُنْ لهُ ورعٌ يَحْجُزُهُ عن معاصي اللهِ؛ فليسَ للهِ حاجةٌ في حجِّهِ" (١).

- فما تَزَوَّدَ حاجٌّ ولا غيرُهُ أفضلَ مِن زادِ التَّقوى، ولا دُعِيَ للحاجِّ عندَ توديعِهِ بأفضلَ مِن التَّقوى.

وقد رُوِيَ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَّعَ غلامًا للحجِّ، فقالَ لهُ: "زَوَّدَكَ اللهُ التَّقوى" (٢).

قالَ بعضُ السَّلفِ لمَن وَدَّعَهُ: اتَّقِ اللهِ، فمَنِ اتَّقى الله؛ فلا وحشةَ عليهِ.

وقالَ آخرُ لمَن وَدَّعَهُ للحجِّ: أُوصيكَ بما وَصَّى بهِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - معاذًا حينَ وَدَّعَهُ: "اتَّقِ اللهِ حيثُما كُنْتَ، وأتْبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ" (٣).


(١) (ضعيف). تقدّم بطوله وتخريجه (ص ٥١٤).
(٢) (ضعيف جدًّا). رواه: الطبراني في "المعجم الكبير" (١٢/ ٢٢٦/ ١٣١٥١) و"الأوسط" (٤٥٤٥) و"الدعاء" (٨١٩ و ٨٢٩)، وابن السني في "اليوم والليلة" (٥٠٦ و ٥٣٣)؛ من طريق مسلمة بن سالم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سالم، عن أبيه … به.
قال الطبراني: "لم يروه عن ابن عمر إلَّا مسلمة بن سالم". قلت: الناظر في ترجمته ومروياته لا يتردّد
في أنّه متّهم أو متروك على الأقل، وهو علّة هذا الحديث، وبه ضعّفه العسقلاني، وهو دون ذلك.
نعم؛ قد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - دعاؤه لمن يريد سفرًا على العموم لا حجًّا على الخصوص من أصحابه بقوله: "زوّدك الله التقوى وغفر ذنبك ويسّر لك الخير حيثما كنت". انظر "الأذكار" (٦٤٤ - ط. ابن خزيمة).
(٣) (حسن صحيح). رواه: ابن أبي شيبة (٢٥٣١٥)، وأحمد في "المسند" (٥/ ١٥٣ و ١٥٨ و ١٦٩ و ١٧٧ و ٢٢٨ و ٢٣٦) و"العلل" (٥٠٨٦)، وهناد في "الزهد" (١٠٨٩)، والدارمي (٢/ ٣٢٣)، والترمذي (٢٨ - البرّ، ٥٥ - معاشرة الناس، ٤/ ٣٥٥/ ١٩٨٧)، والبزّار (٩/ ٤١٦/ ٤٠٢٢)، والخرائطي في "المكارم" (٥)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ١٤٤/ ٢٩٦ - ٢٩٨) و"الأوسط" (٣٧٩١) و"الصغير" (٥٣١)، والدارقطني في "العلل" (٩٨٧)، والحاكم (١/ ٥٤)، وابن جميع في "شيوخه" (١/ ١٣٦/ ٨٨)، وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٣٧٨)، والقضاعي في "الشهاب" (٦٥٢)، والبيهقي في "الشعب" (٨٠٢٥ و ٨٠٢٦)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (٢٣/ ٨٤ و ٣٠١)، والأصبهاني في "الترغيب" (١١٨٤)؛ من طرق، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، (قال مرّة: عن أبي ذرّ، ومرّة: عن معاذ، وأرسله مرّة) … رفعه. وهذا سند ضعيف فيه علل أربع: أولاها: عنعنة حبيب على تدليسه. والثانية: الانقطاع بين ميمون وأبي ذرّ ومعاذ؛ فإنّه لم يسمع من أحدهما. والثالثة: الاختلاف على صحابيّه، وليس بالقادح؛ فإنه محفوظ عنهما معًا كما سيأتيك. والرابعة: الاختلاف فيه وصلًا وإرسالًا، ورجّح الدارقطني الإرسال، مع أنّ الوصل زيادة جماعة كبيرة من الثقات! وقد جاء حديث أبي ذرّ من وجوه أخرى: فرواه أحمد (٥/ ١٨١) من طريق درّاج، عن أبي الهيثم، عن =

<<  <   >  >>