للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ عَطاءٌ: صَلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبحَ بمِنى غداةَ عَرَفَةَ، ثمَّ غَدا إلى عَرَفاتٍ وتحتَهُ قطيفةٌ اشْتُرِيَتْ لهُ بأربعةِ دراهمَ وهوَ يَقولُ: "اللهمَّ! اجْعَلْها حجَّةً مبرورةً متقبَّلةً لا رياءَ فيها ولا سمعةَ" (١).

وقالَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحارِثِ: رَكِبَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رحلًا، فاهْتَزَّ بهِ، فتَواضَعَ للهِ عَزَّ وجَلَّ وقالَ: "لَبَّيْكَ! لا عيشَ إلَّا عيشُ الآخرةِ" (٢).

قالَ رجلٌ لابنِ عُمَرَ: ما أكثرَ الحاجَّ! فقالَ ابنُ عُمَرَ: ما أقلَّهُم! ثمَّ رَأى رجلًا على بعيرٍ على رحلٍ رثٍّ خطامُهُ حبلٌ، فقالَ: لعلَّ هذا (٣).

وقالَ شُرَيْحٌ: الحاجُّ قليلٌ والرُّكبانُ كثيرٌ، ما أكثرَ مَن يَعْمَلُ الخيرَ! ولكنْ ما أقلَّ

الذينَ يُريدونَ وجهَ اللهِ!

خَليلَيَّ قُطَّاعُ الفيافي إلى الحِمى … كَثيرٌ وَأمَّا الواصِلونَ قَليلُ (٤)

كانَ بعضُ المتقدِّمينَ يَحُجُّ ماشيًا على قدميهِ كلَّ عامٍ، فكانَ ليلةً نائمًا في فراشِهِ،


= وشيخه قال أبو حاتم والذهبي: "مجهولان". وقال العسقلاني في "الإصابة" (٣/ ١٣٠): "لا يعرف عبد الله بن حكيم ولا شيخه إلّا في هذا الحديث". وتعقّبهم الألباني بقوله: "أثنى عليه ابن عبد الحكم فقال: كان يلزم المسجد … وذكر من فضله … وقد أخرج حديثه ابن خزيمة". وما هو بالتوثيق، وإنّما ذكره استئناسًا.
فإذا تركنا الطريق الأولى لحديث أنس، فاجتماع بقيّة الطرق يرشّح هذا المتن للتزحزح عن ضعفه، فإذا أُضيف إليها مرسل عطاء الآتي بعده؛ تبيّن أنّ الحديث حسن. وإلى تقويته مال الألباني.
(١) (حسن لشواهده). رواه الفاكهي (٨٥٥)، وابن أبي حاتم في "العلل" (٨٥٦)، والطبراني في "الأوسط" (١٤٠٠)، عن أحمد بن محمّد بن القاسم بن أبي بزّة وأبي عمرو الزيّات، عن محمّد بن يزيد بن خنيس، عن ابن جريج، عن عطاء، (قال ابن أبي بزّة: عن ابن عبّاس رفعه، وقال الزيّات: عن عطاء مرسلًا).
قال أبو حاتم: "باطل، ليس هو من حديث ابن جريج". قلت: يعني مرفوعًا والله أعلم. وقال الهيثمي (٣/ ٢٢٤): "فيه أحمد بن محمّد بن القاسم بن أبي بزّة ولم أعرفه". قلت: ضعيف منكر الحديث مشهور بوصل المرسلات، وقد خالفه الزيّات فأرسله، فروايته أولى، وهذا مرسل قويّ يتقوّى ويحسن بما قبله.
(٢) (حسن لشواهده). رواه: ابن أبي شيبة (١٥٨٠١ و ٣٤٣٥٢)، وأحمد في "الزهد" (١٥٠)؛ من طريق أبي سنان، عن عبد الله بن الحارث، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … فذكره. وأبو سنان هو ضرار بن مرّة ثقة، وعبد الله هو الزبيدي ثقة أيضًا، ولكنّ روايته عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلة.
وهاهنا شاهد عند أحمد (٣/ ٢١٦) من حديث أنس بسند قويّ. فهذا المرسل يتقوّى به.
(٣) يعني: لعلّه من الحجّاج حقًّا وصدقًا.
(٤) زاد في حاشية خ هنا: "وجوه عليها للقبول علامة، وليس على كلّ الوجوه قبول"، وليست في م ون، ومن البيّن أنّها إضافة ناسخ أو قارئ.

<<  <   >  >>