للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الطَّبَرانِيِّ: عن ابن عَبَّاسٍ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمعَ رجلًا يَقولُ في الطَّوافِ: اللهمَّ! اغْفِرْ لفلانِ ابن فلانٍ. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن هذا؟ ". قالَ: رجلٌ حَمَّلَني أنْ أدْعُوَ لهُ بينَ الرُّكنِ والمقامِ. فقالَ: "قد غُفِرَ لصاحبِكَ" (١).

ألا قُلْ لِزُوَّارِ دارِ الحَبيبِ … هَنيئًا لَكُمْ في الجِنانِ الخُلودُ

أفِيضوا عَلَيْنا مِنَ الماءِ فَيْضًا … فَنَحْنُ عِطاشٌ وَأنْتُمْ ورودُ

لئن سارَ القومُ وقَعَدْنا، وقَرَّبوا وبَعُدْنا؛ فما يُؤْمِنُنا أنْ نكونَ ممَن كَرِهَ اللهُ انبعاثَهُم فثَبَّطَهُمْ وقيلَ اقْعُدوا معَ القاعدينَ؟!

للهِ دَرُّ رَكائِبٍ سارَتْ بِهِمْ … تَطْوي القِفارَ الشَّاسِعاتِ عَلى الدُّجا

رَحَلوا إلى البَيْتِ الحَرامِ وَقَدْ شَجا (٢) .... قَلْبَ المُتَيَّمِ مِنْهُمُ ما قَدْ شَجا

نَزَلوا بِبابٍ لا يَخيبُ نَزيلُهُ … وَقُلوبُهُمْ بَيْنَ المَخافةِ والرَّجا

على أنَّ المتخلِّفَ لعذرٍ شريكٌ للسَّائرِ، كما قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا رَجَعَ مِن غزوةِ تَبُوكَ: "إنَّ بالمدينةِ أقوامًا ما سِرْتُم مسيرًا ولا قَطَعْتُمْ واديًا إلَّا كانوا معَكُم، خَلَّفَهُمُ العذرُ" (٣).

يا سائِرينَ إلى البَيْتِ العَتيقِ لَقَدْ … سِرْتُمْ جُسومًا وَسِرْنا نَحْنُ أرْواحًا

إنَّا أقَمْنا عَلى عُذْرٍ وَقَدْ رَحَلوا … وَمَنْ أقامَ عَلى عُذْرٍ كَمَنْ راحا

وربَّما سَبَقَ بعضُ مَن سارَ بقلبِهِ وهمَّتِهِ وعزمِهِ بعضَ السَّائرينَ ببدنِهِ.

رَأى بعضُ الصَّالحينَ في منامِهِ عشيَّةَ عرفةَ بعرفةَ قائلًا يَقولُ لهُ: تَرى هذا الزِّحامَ بالموقفِ؟ قالَ: نعم. قالَ: ما حَجَّ منهُم إلَّا رجلٌ، تَخَلَّفَ عن الموقفِ فحَجَّ بهمَّتِهِ


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: الفاكهي في "مكّة" (٢٦٨)، والطبراني (٢/ ٥/ ١٢٢٩٩)، والصيداوي في "معجمه" (ص ٢١٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ١٢)؛ من طريق الحارث بن عمران الجعفري، عن محمّد بن سوقة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس … رفعه.
قال الهيثمي (١٠/ ١٥٥): "فيه الحارث بن عمران الجعفري وهو ضعيف". قلت: أجمعوا على ضعفه، واتّهمه ابن حبّان، وليس بالوجيه، وإنّما هو شديد الضعف.
(٢) في خ: "منهم وما شجا"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٣) رواه: البخاري (٥٦ - الجهاد، ٣٥ - من حبسه العذر، ٦/ ٤٦/ ٢٨٣٨ و ٢٨٣٩) من حديث أنس، ومسلم (٣٣ - الإمارة، ٤٨ - ثواب من حبسه مرض، ٣/ ١٥١٨/ ١٩١١) من حديث جابر.

<<  <   >  >>