للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محبوبِه. فأمَّا خسيسُ الهمَّةِ؛ فاجتهادُهُ في متابعةِ هواهُ، ويَتَّكِّلُ على مجرَّدِ العفوِ، فيَفوتُهُ - إنْ حَصَلَ لهُ العفوُ - منازلُ السَّابقينَ المقرَّبينَ.

قالَ بعضُ السَّلفِ: هَبْ أن المسيءَ عُفِيَ عنهُ، أليسَ قد فاتَهُ ثوابُ المحسنين؟

فَيا مُذْنِبًا يَرْجو مِنَ اللهِ عَفْوَهُ … أتَرْضى بِسَبْقِ المُتَّقينَ إلى اللهِ

لمَّا تَنافَسَ المتنافسونَ في نيلِ الدَّرجات؛ غَبَطَ بعضُهُم بعضًا بالأعمالِ الصَّالحات.

قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسدَ إلَّا في اثنتينِ: رجلٌ آتاهُ اللهُ مالًا فهوَ يُنْفِقُهُ في سبيلِ اللهِ آناءَ الليلِ وآناءَ النَّهارِ، ورجلٌ آتاهُ اللهُ القرآنَ فهوَ تقومُ بهِ آناءَ الليلِ وآناءَ النَّهارِ". وفي روايةٍ: "لا تحاسدَ إلَّا في اثنتينِ: رجلٌ آتاهُ اللهُ القرآنَ فهوَ يَتْلُوهُ آناءَ الليلِ والنَّهارِ، يَقولُ: لو أوتِيتُ مثلَ ما أُوتِيَ هذا لَفَعَلْتُ كما يَفْعَلُ، ورجل آتاهُ اللهُ مالًا فهوَ يُنْفِقُهُ في حقِّهِ، يَقولُ: لو أُوتِيتُ مثلَ ما أوتِيَ هذا لَفَعَلْتُ كما يَفْعَلُ". وهذا الحديثُ في الصَّحيحين (١).

وفي التِّرْمِذِيِّ وغيرِهِ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "إنَّما مثلُ هذهِ الأُمَّةِ كأربعةِ نفرٍ: رجلٌ آتاهُ اللهُ مالًا وعلمًا، فهوَ يَعْمَلُ بعلمِهِ في مالِهِ يُنْفِقُهُ في حقِّهِ. ورجلٌ آتاهُ اللهُ علمًا ولم يُؤْتِهِ مالًا، وهوَ يَقولُ: لو كانَ لي مثلُ هذا؛ لعَمِلْتُ فيهِ مثلَ الذي يَعْمَلُ". قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هما في الأجرِ سواءٌ. ورجلٌ آتاهُ اللهُ مالًا ولم يُؤْتِهِ علمًا، فهوَ يَخْبِطُ في مالِهِ يُنْفِقُهُ في غيرِ حقِّهِ. ورجلٌ لمْ يُؤْتِهِ اللهُ علمًا ولا مالًا، فهوَ يَقولُ: لو كانَ لي مالُ هذا؛ عَمِلْتُ فيهِ مثلَ الذي يَعْمَلُ". قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " [فـ]ـــهُما في الوزرِ سواءٌ" (٢).


(١) البخاري (٦ - فضائل القرآن، ٢٠ - اغتباط صاحب القرآن، ٩/ ٧٣/ ٥٠٢٥)، ومسلم (٦ - المسافرين، ٤٧ - فضل من يقوم بالقرآن، ١/ ٥٥٨/ ٨١٥)؛ من حديث ابن عمر. والرواية الثانية عند البخاري (٩٧ - التوحيد، ٤٥ - قوله - صلى الله عليه وسلم - رجل آتاه الله القرآن، ١٣/ ٥٠٢/ ٧٥٢٨) من حديث أبي هريرة.
(٢) (صحيح). رواه: أحمد (٤/ ٢٣١)، والفسوي (٣/ ١٩١)، والترمذي (٣٧ - الزهد، ١٧ - مثل الدنيا، ٤/ ٥٦٢/ ٢٣٢٥)، والطبراني (٢٢/ ٣٤٥/ ٨٦٨)، والبغوي في "السنّة" (٤٠٩٧)، والمزّي في "التهذيب" (١٤/ ١٩٣)؛ من طريق قويّة، عن يونس بن خبّاب، عن سعيد أبي البختري، عن أبي كبشة … =

<<  <   >  >>