للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُرْشَدُ إلى عملِ الأفضلِ (١).

وأحوالُ النَّاس تَخْتَلِفُ فيما تَحْمِلُ أبدانُهُم مِن العملِ.

كانَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ يَصومُ ثلاثَةَ أيَّامٍ مِن الشَّهرِ فيُرى أثرُ ذلكَ عليهِ، وكانَ غيرُهُ في زمنِهِ يَصومُ الدَّهرَ فلا يَظْهَرُ عليهِ أثرُهُ (٢).

وكانَ كثيرٌ مِن المتقدِّمينَ يَحْمِلونَ على أنفسِهِم مِن الأعمالِ ما يُضِرُّ بأجسادِهِم ويَحْتَسِبونَ أجرَ ذلكَ عندَ اللهِ، وهؤلاءِ قومٌ أهلُ صدقٍ وجدٍّ واجتهادٍ فيُحَيَّوْنَ على ذلكَ (٣)، ولكنْ لا يُقْتَدى بهِم، وإنَّما يُقْتَدى بسنَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ خيرَ الهَدْيِ هديُهُ، ومَن أطاعَهُ فقدِ اهْتَدى، ومنِ اقْتَدى بهِ وسَلَكَ وراءَهُ وَصَلَ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

• وقد كانَ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهى عنِ التَّعسيرِ ويَأْمُرُ التَّيسِيرِ (٤)، ودينُهُ الذي بُعِثَ بهِ يُسْرٌ.

وكانَ يَقولُ: "خيرُ دينِكُم أيسرُهُ" (٥).


(١) إن وقع فيما نهى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عنه أثم ولو احتمله بدنه: كأن يصوم الدهر مثلًا، أو يداوم على قيام الليل كلّه، أو يقرأ القرآن كلّ يوم أو يومين …
(٢) فهذا آثم ولو لم يظهر عليه أثر ولا ضرر.
(٣) قصارى ما يقال في المتعمّقين أنّهم معذورون بجهلهم أو بتأوّلهم، ولا يستحقّ التحيّة والثناء إلّا أهل الاتّباع.
(٤) رواه: البخاري (٣ - العلم، ١١ - ما كان يتخوّلهم بالموعظة، ١/ ١٦٣/ ٦٩)، ومسلم (٣٢ - الجهاد، ٣ - الأمر بالتيسير، ٣/ ١٣٥٩/ ١٧٣٤)؛ عن أنس. وفي الباب عندهما عن جماعة من الصحابة.
(٥) (صحيح). وقد جاء عن جماعة من الصحابة: فرواه: الطيالسي (١٢٩٦)، وأحمد (٤/ ٣٣٨، ٥/ ٣٢)، والبخاري في "الأدب" (٣٤١)، وعمر بن شبّة في "المدينة" (١/ ٢٧٥)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٢٣٨٣)، والطبراني في "الكبير" (١٨/ ٢٣٠ / ٥٧٣، ٢٠/ ٢٩٦/ ٧٠٤ - ٧٠٧) و"الأوسط" (٢٤٩٧)، وابن شاهين (٢/ ٥٨ - إصابة)، والقضاعي (١٢٢٤)، والمزّي في "التهذيب" (٩/ ١٦٠)؛ من طرق، [عن عبد الله بن شقيق]، [عن رجاء بن أبي رجاء]، (قال مرّة: عن عمران بن حصين، ومرّة: عن محجن بن الأدرع، ومرّة: عن بريدة) … رفعه. وهذا سند ضعيف فيه علل: أولاها: اختلافهم في إثبات ابن شقيق وإسقاطه، والصواب إثباته وإسقاطه وهم، والرجل ثقة، فالعلّة غير قادحة. والثانية: اختلافهم في إثبات رجاء وأسقاطه، وإثباته زيادة ثقة يتعيّن المصير إليها، ورجاء مجهول. والثالثة: اختلافهم على الصحابيّ، ولا يضرّ. فالعلّة الثانية وحدها هي القادحة. ورواه: الطبراني في "الصغير" (١٠٦٨)، وابن عدي (٣/ ١٢٤٣)، وأبو الشيخ في "الطبقات" (٣/ ٢١٤ و ٥٥٤ و ٥٧٧)، والقضاعي (١٢٢٥)، والضياء في "المختارة" (٧/ ١٣٢/ ٢٥٦٥)؛ من طرق ثلاث، عن=

<<  <   >  >>