للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ بعضُ السَّلفِ: ما بَلَغَ مَن بَلَغَ عندَنا بكثرةِ صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكنْ بسخاوةِ النُّفوسِ وسلامةِ الصُّدورِ والنُّصحِ للأُمَّةِ. وزادَ بعضُهُم: واحتقارِ أنفسِهِم.

وذُكِرَ [لـ]ـبعضِهِم شدَّةُ اجتهادِ بني إسْرائيلَ في العبادةِ، فقالَ: إنَّما يُريدُ اللهُ منكُم صدقَ النِّيِّةِ فيما عندَهُ. فمَن كانَ باللهِ أعرفَ ولهُ أخوفَ وفيما عندَهُ أرغبَ؛ فهوَ أفضلُ ممَّن دونَهُ في ذلكَ وإنْ كَثُرَ صومُهُ وصلاتُهُ.

قالَ أبو الدَّرْداءِ: يا حَبَّذا نومُ الأكياسِ وفطرُهُم كيفَ يَسْبِقُ سَهَرَ الجاهلينَ وصيامَهُم! ولهذا المعنى كانَ فضلُ العلمِ النَّافعِ الدَّالِّ على معرفةِ اللهِ وخشيتِهِ ومحبَّتِهِ ومحبَّةِ ما يُحِبُّهُ وكراهةِ ما يَكْرَهُهُ - لا سيَّما عندَ غلبةِ الجهلِ والتَّعبُّدِ بهِ - أفضلَ مِن التَّطوُّعِ بأعمالِ الجوارحِ.

قالَ ابنُ مَسْعودٍ: أنتُم في زمانٍ العملُ فيهِ أفضلُ مِن العلمِ، وسَيَأْتي زمانٌ العلمُ فيهِ أفضلُ مِن العملِ.

[و] قالَ مُطَرِّفٌ: فضلُ العلمِ أحبُّ إليَّ مِن فضلِ العبادةِ، وخيرُ دينِكُمُ الورعُ. وخَرَّجَهُ الحاكمُ وغيرُهُ مرفوعًا (١).


(١) (صحيح مرفوعًا). هذا حديث يرويه الأعمش وفيه خلاف أجمله في الأوجه التالية: روى أوّلها ابن الجوزي في "الواهيات" (٧٨) من طريق أبي مطيع، عنه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة … رفعه بنحوه. وأبو مطيع هو الحكم بن عبد الله البلخي متّهم متروك. وروى الثاني: البزّار (١٣٩ - كشف)، والطبراني في "الأوسط" (٣٩٧٢)، وابن عديّ في "الكامل" (٤/ ١٥١٤)، والحاكم (١/ ٩٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٢١١)، والبيهقي في "المدخل" (٤٥٥)، والقاضي في "علل الترمذي" (ص ٣٤١/ رقم ٦٣٣)، وابن الجوزي في "الواهيات" (٧٦)؛ من طريق عبد الله بن عبد القدّوس، عنه، عن مطرّف، عن حذيفة … رفعه. وعبد الله بن عبد القدّوس صاحب مناكير لا يعدو أن يكون صالحًا في الشواهد، وبه أعلّه الهيثمي (١/ ١٢٥). وروى الثالث: أبو خيثمة في "العلم" (١٣)، وابن سعد (٧/ ٧٢)، وأحمد في "الزهد" (١٣٣٨)، والفسوي في"المعرفة" (٣/ ٣٩٧)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٢١١ و ٢١٢)، والبيهقي في "الشعب" (١٧٠٦) و"المدخل" (٤٥٧)، وابن عبد البرّ في "العلم" (١/ ٢٨)؛ من طرق، عن الأعمش وقتادة وغيرهما، عن مطرّف … فذكره من قوله. وهذا قويّ بالمتابعات؛ لأنّه منقطع بين الأعمش ومطرّف؛ فقد بيّنت بعض الروايات أنّه بلاغ، وقد قوّاه البزّار والدارقطني والبيهقي.

<<  <   >  >>