للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد رُوِيَ عنِ الحَسَنِ أنَّهُ كانَ يَصومُ خمسةَ أيَّامٍ مِن أوَّلىِ الشَّهرِ وتقولُ: ما يُدْريني لعلِّي لا أدْرِكُ البيضَ.

وفي كتابِ "مناقب الحسن" لأبي حَيَّانَ التَّوْحيدِيِّ؛ أنَّ رجلًا سَألَ الحَسَنَ: لأيِّ شيءٍ اسْتُحِبَّ صيامُ أيَّامِ البيضِ؟ فلمْ يَدْرِ ما يَقولُ. فقالَ أعرابيٌّ [عندَهُ]: لأنَّ القمرَ يَنكَسِفُ في لياليهنَّ، فيَكونُ النَّاسُ عندَ حدوثِ الآياتِ على عبادةٍ. فقالَ الحسنُ: خُذوها مِن غيرِ فقيهٍ.

• وفي حديثِ الباهِلِيِّ (١) أنَّهُ قالَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ذلكَ: إنِّي أجِدُ قوَّةً وإنِّي أُحِبُّ أنْ تَزيدَني. فقالَ لهُ: "فمِن الحرمِ وأفْطِرْ". وفي روايةٍ: "صُمِ الحرمَ وأفْطِرْ". وفي روايةٍ قالَ: "صُمِ الأشهرَ الحرمَ".

فهذا دليلٌ (٢) على فضلِ صيامِ الأشهرِ الحرمِ الأربعةِ التي ذَكَرَها اللهُ تَعالى في كتابِهِ بقولِهِ: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التَّوبة: ٣٦]، وقد فَسَّرَها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ أبي بَكْرَةَ بأنَّها ثلاثةٌ متوالياتٌ؛ ذو القعدةِ وذو الحجَّةِ والمحرَّمُ وشهرُ رجبٍ. وقد ذَكَرْناهُ في وظيفةِ شهرِ رجبٍ (٣).

وذَكَرْنا عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ العملَ الصَّالحَ والأجرَ في هذهِ الحرمِ أعظمُ (٤).

وذَكَرْنا في وظائفِ المحرَّمِ قولَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أفضلُ الصِّيامِ بعدَ رمضانَ شهرُ اللهِ الذي تَدْعونَهُ المحرَّمَ" (٥).

وسيأْتي في وظائفِ ذي الحجَّةِ ذكرُ فضلِ صيامِ عشرِ ذي الحجَّةِ إنْ شاءَ اللهُ


= وعنعنته على تدليسه. والثانية: أنّه خالفه المغيرة بن مسلم فرواه عن أبي إسحاق السبيعي عن جرير موقوفًا، لكن قال أبو زرعة: "المرفوع أصحّ من الموقوف لأنّ زيذًا أحفظ من المغيرة". قلت: فهذه العلّة ليست بالقادحة إذًا بخلاف الأولى.
على أنّ الحديث بطريقه الثانية يترشّح للانتفاع بالشواهد المتقدّمة وغيرها، فهو صحيح بها. (١) الذي تقدّم أوّل المجلس.
(٢) لو كان صحيحًا! ووقع فى خ: "فهذا دليل على أنّ فضل … " إلخ!
(٣) متّفق عليه. تقدم تفصيل القول فيه (ص ٢٧٢).
(٤) (ص ٢٧٦).
(٥) رواه مسلم. وقد تقدّم تخريجه (ص ٨٥).

<<  <   >  >>