للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ومنها: ذكرُ اللهِ على الأكلِ والشُّربِ؛ فإنَّ المشروعَ في الأكلِ والشُّربِ أنْ يُسَمِّيَ اللهَ في أوَّلِهِ ويَحْمَدَهُ في آخرِهِ. وفي الحديثِ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ عَزَ وجَلَّ يَرْضى عنِ العبدِ أنْ يَأْكُلَ الأكلةَ فيَحْمَدَهُ عليها ويَشْرَبَ الشَّربةَ فيَحْمَدَهُ عليها" (١). وقد رُوِيَ أنَّ مَن سَمَّى على أوَّلِ طعامِهِ وحَمِدَ اللهَ على آخرِهِ؛ فقد أدَّى ثمنَهُ ولمْ يُسْألْ بعدُ عن شكرِهِ (٢).

* ومنها: ذكرُهُ بالتَّكبيرِ عندَ رميِ الجمارِ في أيَّامِ التَّشريقِ. وهذا يَخْتَصُّ بهِ أهلُ الموسمِ.

* ومنها: ذكرُ اللهِ تَعالى المطلقُ؛ فإنَّهُ يُسْتَحَبُّ الإكثارُ منهُ في أيَّامِ التَّشريقِ، وقد كانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ بمنى في قبَّتِهِ فيَسْمَعُهُ النَّاسُ فيُكَبِّرونَ فتَرْتَجُّ منى تكبيرًا. وقد قالَ عَزَّ وجَلَّ: {فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُروا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أوْ أشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ


= هذه الأيّام المعلومات التي يذكر فيها اسم الله بلا ريب، فذكره على بهيمة الأنعام عند ذبحها كذلك. ومعهم أيضًا أنّ "الثلاثة تختصّ بكونها أيّام منى وأيّام الرمي وأيّام التشريق ويحرم صيامها، فهي إخوة في هذه الأحكام، فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نصّ ولا إجماع". قاله ابن القيّم في "الهدي" (٢/ ٣١٩). والذي خصّصوا الذبح إنّما استندوا إلى قول بعض الصحابة، وقد تقدّم لك أنّ بعض الصحابة عمّموه أيضًا، وليس اتّباع أحدهم بأولى من اتّباع الآخر!
ولذلك قال ابن القيّم في "الهدي" (٢/ ٣١٩) بعد أن أبطل استدلال المخصّصين بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ادّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث: "وقد قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أيّام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيّام بعده. وهو مذهب إمام أهل البصرة الحسن وإمام أهل مكّة عطاء بن أبي رباح وإمام أهل الشام الأوزاعي وإمام فقهاء أهل الحديث الشافعي رحمه الله واختاره ابن المنذر". قلت: وإليه مال ابن حزم وابن تيميّة وابن القيّم وابن حجر والشوكاني والصنعاني وصديق حسن وسيّد سابق.
(١) رواه مسلم (٤٨ - الذكر والدعاء، ٢٤ - حمده تعالى بعد الأكل، ٤/ ٢٠٩/ ٢٧٣٤) عن أنس.
(٢) (ضعيف). روى عبد الله بن أحمد (١/ ١٥٣) من طريق الجريريّ، عن أبي الورد، عن ابن أعبد، قال لي عليّ بن أبي طالب: يا ابن أعبد! هل تدري ما حقّ الطعام؟ تقول: بسم الله، اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا. قال: وتدري ما شكره؟ تقول الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا. قال الهيثمي (٥/ ٢٥): "ابن أعبد قال ابن المديني ليس بمعروف، وبقيّة رجاله ثقات". قلت: الجريريّ خلّط بأخرة.
وروى ابن السنّي (٤٦٩) من طريق صحيحة، عن سعيد بن أبي هلال، عمّن حدّثه؛ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال حين يفرغ من طعامه: الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني وسقاني فأرواني بلا حول منّي ولا قوّة؛ فقد أدّى شكر ذلك الطعام". وشيخ سعيد هذا تابعيّ مبهم، والحديث مرسل على ضعفه.
فإن أراد الأوّل؛ فضعيف موقوف. وإن أراد الثاني؛ فضعيف. وإن أراد غيرهما؛ فما عرفته.

<<  <   >  >>