للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديثِ: عَمَّارِ بن ياسِرٍ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أسْألُكَ لذَّةَ النَّظرِ إلى وجهِكَ وشوقًا إلى لقائِكَ في غيرِ ضرَّاءَ مضرَّةٍ ولا فتنةٍ مضلَّةٍ" (١). فالشَّوقُ إلى لقاءِ اللهِ إنَّما يَكونُ بمحبَّةِ الموتِ. وذلكَ (٢) لا يَقَعُ غالبًا إلَّا عندَ [خوفِ] ضرَّاءَ مضرَّةٍ في الدُّنيا أو فتنةٍ مضلَّةٍ في الدِّينِ. وأمَّا إذا خَلا عن ذلكَ؛ كانَ شوقًا إلى لقاءِ اللهِ، وهوَ المسؤولُ في هذا الحديثِ (٣).

وفي "المسند": عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَتَمَنَّيَنَّ الموتَ إلَّا مَن وَثِقَ بعملِهِ" (٤).

فالمطيعُ للهِ مستأْنسٌ بربِّهِ، فهوَ يُحِبُّ لقاءَهُ، واللهُ يُحِبُّ لقاءَهُ. والعاصي


= منه". وقالت أُمّ المؤمنين عائشة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - - عندما قال: "من كره لقاء الله كره الله لقاءه" -: أكراهية الموت؟! فكلّنا يكره الموت! وكلاهما من مخرّجات الصحيح.
(١) (صحيح). وقد جاء من طرق عن عمّار:
فرواه: ابن أبي شيبة (٢٩٢٣٧)، وأحمد (٤/ ٢٦٤)، وابن أبي عاصم في "السنّة" (١٢٨ و ٣٧٨) و"الآحاد" (٢٧٦)، والبزّار (٤/ ٢٢٨/ ١٣٩٢)، وعبد الله بن أحمد في "السنّة" (٢٧٦)، والنسائي في "الكبرى" (١٢٢٩) و"المجتبى" (١٣ - السهو، ٦٢ - نوع آخر، ٣/ ٥٥/ ١٣٠٥)، والطبراني في "الدعاء" (٦٢٥)، والدارقطني في "الرؤية" (١٥٩ أو ١٧٤ - ط. مصريّة)، والأصبهاني في "الترغيب" (١٢٨٥)؛ من طريق شريك، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن عمّار … رفعه. وهذا سند صالح في الشواهد من أجل شريك؛ فإنّه سيّء الحفظ.
ورواه: الدارمي في "الردّ على الجهميّة" (٥١)، وابن أبي عاصم في "السنّة" (١٢٩ و ٤٢٥)، والبزّار (٤/ ٢٢٩/ ١٣٩٣)، والنسائي في "الكبرى" (١٢٢٨) و"المجتبى" (قبله، ٣/ ٥٤/ ١٣٠٤)، وابن خزيمة في "التوحيد" (ص ١٢)، وابن حبّان (١٩٧١)، والطبراني في "الدعاء" (٦٢٤)، والدارقطني في "الرؤية" (١٥٨)، وابن منده في "الردّ على الجهميّة" (٨٦)، والحاكم (١/ ٥٢٤)، واللالكائي في "الاعتقاد" (٨٤٤ و ٨٤٥)، والبيهقي في "الصفات" (٢٤٤ و ٢٤٧)؛ من طرق، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عمّار … رفعه.
وعطاء اختلط، لكن في الرواة عنه هنا حمّاد بن زيد، وروايته عنه صحيحة.
وله أوجه أُخرى موقوفة عند ابن فضيل في "الدعاء" (٨٢) وابن أبي شيبة (٢٩٣٣٩) وأبي يعلى (١٦٢٤)، ولا تضرّه بعد أن صحّ مرفوعًا. ولذلك صحّحه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
(٢) يعني: محبّة الموت.
(٣) لكن أوّل الحديث يدفع هذا الاستنتاج؛ فإنّ فيه: "اللهم أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي وتوفّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي". فبان أنّ سؤال لذّة النظر إلى وجه الرحمن والشوق إلى لقائه لا يقتضي حبّ الموت واستعجاله بالضرورة.
(٤) (ضعيف بهذا التمام). سيأتي تفصيل القول فيه (ص ٦٥٥ - ٦٥٦).

<<  <   >  >>