للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالأعمالِ الصَّالحةِ؟ ومَن يَتوبُ لكَ مِن الذُّنوبِ السَّالفةِ؟

وجَزِعَ بعضُهُم عندَ موتِهِ وقالَ: إنَّما أبْكي على أنْ يَصومَ الصَّائمونَ للهِ ولَسْتُ فيهِم ويُصَلِّيَ المصلُّونَ ولَسْتُ فيهِم ويَذْكُرَ الذَّاكرونَ ولَسْتُ فيهِم، فذلكَ الذي أبْكاني.

تَحَمَّلَ أصْحابي وَلَمْ يَجِدوا وَجْدي … وَلِلنَّاسِ أشْجانٌ وَلي شَجَنٌ وَحْدي

أُحِبُّكُمُ ما دُمْتُ حَيًّا فَإنْ أمُتْ … فَوا أَسَفا مِمَّنْ يُحِبُّكُمُ بَعْدي

في "التِّرْمِذِيِّ": عن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعًا: "ما مِن ميِّتٍ ماتَ إلَّا نَدِمَ: إنْ كانَ محسنًا نَدِمَ أنْ لا يَكونَ ازْدادَ، وإنْ كانَ مسيئًا نَدِمَ أنْ لا يَكونَ اسْتَعْتَبَ" (١).

إذا كانَ المحسنُ يَنْدَمُ على تركِ الزِّيادةِ؛ فكيفَ يَكونُ حالُ المسيءِ؟!

رَأى بعضُ المتقدِّمينَ في المنامِ قائلًا يَقولُ لهُ: قُلْ:

يا خَدُّ إنَّكَ إنْ تُوَسَّدْ لَيِّنا … وُسِّدْتَ بَعْدَ المَوْتِ صُمَّ الجَنْدَلِ

فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ في حَياتِكَ صالِحًا … فَلَتَنْدَمَنَّ غَدًا إذا لَمْ تَفْعَلِ

ورَأى آخرُ في المنامِ قائلًا يَقولُ لهُ:

إنْ كُنْتَ لا تَرْتابُ أنَّكَ مَيِّتٌ … وَلَسْتَ لِبَعْدِ المَوْتِ ما أنْتَ تَعْمَلُ

فَعُمْرُكَ ما يُغْني وَأنْتَ مُفَرِّطٌ … وَإسْمُكَ في المَوْتى مُعَدٌّ مُحَصَّلُ

رُئِيَ بعضُ الموتى في المنامِ، فقالَ: ما عندَنا أكثرُ مِن النَّدامةِ، وما عندَكُم أكثرُ مِن الغفلةِ.

وُجِدَ على قبرٍ مكتوبٌ:

نَدِمْتُ عَلى ما كانَ منِّي نَدامَةً … وَمَنْ يَتَّبِعْ ما تَشْتَهي (٢) النَّفْسُ يَنْدَمُ


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن المبارك في "الزهد" (٣٣)، والترمذي (٣٧ - الزهد، ٥٨ - باب، ٤/ ٦٠٣/ ٢٤٠٣)، وابن عدي (٧/ ٢٦٦٠)، وأبو نعيم (٨/ ١٧٨)، والبيهقي في "الزهد" (٧١٠)، والذهبي في "الميزان" (٤/ ٣٩٥)؛ من طريق يحيى بن عبيد الله بن موهب، سمعت أبي، سمعت أبا هريرة … رفعه.
قال الترمذي: "يحيى بن عبيد الله قد تكلّم فيه شعبة". وقال أبو نعيم: "غريب من حديث يحيى".
ورمز السيوطي له بالصحّة وردّه المناوي بقوله: "ضعّفه المنذري، وقال الذهبي: يحيى ضعّفوه، ووالده قال أحمد: له مناكير". وقال الألباني: "ضعيف". قلت: يحيى متروك، وأبوه مجهول، والسند واه.
(٢) في خ: "ما تطلب"، وما أثبتّه من م و ن و ط أقوى.

<<  <   >  >>