للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ: "اللهمَّ! اجْعَلْ رزقَ آلِ مُحَمَّدٍ قوتًا" (١).

خُذْ مِنَ الرِّزْقِ ما كَفى … وَمِنَ العَيْشِ ما صَفا

كُلُّ هذا سَيَنْقَضي … كَسِراجٍ إذا انْطَفا

• ثمَّ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هذا المالَ خضرةٌ حلوةٌ". فأعادَ مرَّةَّ ثَانيةً تحذيرًا مِن الاغترارِ بهِ. فخضرتُهُ بهجةُ منظرِهِ، وحلاوتُهُ طيبُ طعمِهِ. فلذلكَ تَشْتَهيهِ النُّفوسُ وتُسارِعُ إلى طلبِهِ، ولكنْ لو فَكَّرَتْ في عواقبِهِ لَهَرَبَتْ منهُ.

الدُّنيا في الحالِ حلوةٌ خضرةٌ وفي المآلِ مرَّةٌ كدرةٌ، نِعْمَتِ المرضعةُ وبِئْسَتِ الفاطمةُ!

إنَّما الدُّنْيا نَهارُ … ضَوْؤُهُ ضَوْءٌ مُعارُ

بَيْنَما عَيْشُكَ غَضٌّ … ... ناعِمٌ فيهِ اخْضِرارُ

إذْ رَماهُ زَمَناهُ … فَإذا فيهِ اصْفِرارُ

وَكَذاكَ اللَيْلُ يَأْتي … ثُمَّ يَمْحوهُ النَّهارُ

مثلُ حرامِ الدُّنيا كشجرةِ الدِّفلى؛ تُعْجِبُ مَن رَآها، وتَقْتُلُ مَن أكَلَها.

تَرى الدُّنْيا وَزَهْرَتَها فَتَصْبو … وَما يَخْلو مِنَ الشَّهَواتِ قَلْبُ

فُضولُ العَيْشِ أكْثَرُهُ هُمومٌ … وَأكْثَرُ ما يَضُرُّكَ ما تُحِبُّ

إذا اتَّفَقَ القَليلُ وَفيهِ سِلْمٌ … فَلا تُرِدِ الكَثيرَ وَفيهِ حَرْبُ

الذي بَشَّرَ أُمَّتَهُ بفتحِ الدُّنيا عليهِم حَذَّرَهُم مِن الاغترارِ بزهرتِها وخَوَّفَهُم مِن خضرتِها وحلاوتِها وأخْبَرَهُم بخرابِها وفنائِها وأنَّ بينَ أيديهِم دارًا لا تَنْقَطِعُ خضرتُها وحلاوتُها. فمَن وَقَفَ معَ زهرةِ هذهِ العاجلةِ انْقَطَعَ وهَلَكَ، ومَن لم يَقِفْ معَها وسارَ إلى تلكَ [الآجلةِ] وَصَلَ ونَجا.


= وأرجو أنّ الطريقين المرسلتين صالحتان لتقوية حديث سعد وانتشاله من ضعفه، وإلى تقويته مال أبو عوانة وابن حبّان والمنذري والهيثمي والألباني.
(١) رواه: البخاري (٨١ - الرقاق، ١٧ - كيف كان عيشه - صلى الله عليه وسلم -، ١١/ ٢٨٣/ ٦٤٦٠)، ومسلم (١٢ - الزكاة، ٤٣ - الكفاف والقناعة، ٢/ ٧٣٠/ ١٠٥٥)؛ من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>