للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهمَّةِ! قَنِعْتَ بروضةٍ على مزبلةٍ والملكُ يَدْعوكَ إلى فردوسِهِ الأعلى؟! {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: ٣٨]؟! أرَضِيتُم بخراباتِ البِلى مِن الفردوسِ؟! يا لها صفقةُ غبنٍ ما أخسرَها! أتَقْنَعُ بخسائسِ الحشائشِ والرِّياضُ معشبةٌ بينَ يديكَ؟!

فَإنْ حَنَنْتَ لِلْحِمى وَرَوْضِهِ … فَبِالْغَضى ماءٌ وَرَوْضاتٌ أُخَرْ

• وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم - "مَن أخَذَهُ بحقِّهِ ووَضَعَهُ في حقِّهِ؛ فنِعْمَ المعونةُ هوَ، ومَن أخَذَهُ بغيرِ حقِّهِ؛ كانَ كالذي يَأْكُلُ ولا يَشْبَعُ" تقسيم لمَن يَأْخُذُ المالَ إلى قسمينِ:

• فأحدُهُما: يُشْبِهُ حالَ آكلةِ الخضرِ، وهوَ مَن أخَذَهُ بحقِّهِ ووَضَعَهُ في حقِّهِ. وذَكَرَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ نِعْمَ المعونةُ هوَ؛ فإنَّهُ نعمَ العونُ لمَن هذهِ صفتُهُ على الآخرةِ، كما في حديثِ عَمْرِو بن العاصِ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: "نعمَ المالُ الصَّالحُ للرَّجلِ الصَّالحِ" (١)، وهوَ الذي يَأْخُذُهُ بحقِّهِ ويَضَعُهُ في حقِّهِ، فهذا يوصِلُهُ مالُهُ إلى اللهِ تَعالى، فمَن أخَذَ مِن المالِ بحقِّهِ ما يُقَوِّيهِ على طاعةِ اللهِ ويَسْتَعينُ بهِ عليها؛ كانَ أخذُهُ طاعةً ونفقتُهُ طاعةً.

وفي الحديثِ الصَّحيحِ: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "إنَّكَ لنْ تُنْفِقَ نفقةً تَبْتَغي بها وجهَ اللهِ إلَّا أُجِرْتَ عليها، حتَّى اللقمةَ تَرْفَعُها إلى في امرأتِكَ" (٢).

وفي حديثٍ آخرَ: "ما أطْعَمْتَ نفسَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ، وما أطْعَمْتَ أهلَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ، وما أطْعَمْتَ ولدَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ، وما أطْعَمْتَ خادمَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ" (٣).


(١) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٥٣٤).
(٢) رواه: البخاري (٢ - الإيمان، ٤١ - الأعمال بالنيّة والحسبة، ١/ ١٣٦/ ٥٦)، ومسلم (٢٥ - الوصيّة، ١ - الوصيّة بالثلث، ٣/ ١٢٥٠/ ١٦٢٨)؛ من حديث سعد.
(٣) (صحيح). رواه: أحمد (٤/ ١٣١ و ١٣٢)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٨٢ و ١٩٥)، وابن ماجه (١٢ - التجارات، ١ - الحثّ على المكاسب، ٢/ ٧٢٣/ ٢١٣٨)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٩١٨٥ و ٩٢٠٤)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٢٦٨/ ٦٣٤) و"الشاميين" (١١٢٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (٩/ ٣٠٩) و "أخبار أصبهان" (٢/ ٧٦)، والبيهقي (٤/ ١٧٩)؛ من طريقين قويّتين، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معديكرب … رفعه.
قال البوصيري: "في إسناده إسماعيل بن عيّاش". قلت: روايته عن الشاميّين جيّدة، وهذا منها، وتابعه بقيّة بن الوليد مصرّحًا بالسماع من بحير، وبقيّة السند ثقات أثبات. نعم؛ تكلّموا في سماع ابن معدان =

<<  <   >  >>