للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومِن فضائلِ الشِّتاءِ أنَّهُ يُذَكِّرُ بزمهريرِ جهنَّمَ ويوجِبُ الاستعاذةَ منها.

وفي حديثِ أبي هُرَيْرَةَ وأبي سَعيدٍ: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "إذا [كانَ] يومٌ شديدُ البردِ، فإذا قالَ العبدُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، ما أشدَّ بردَ هذا اليومِ! اللهمَّ أجِرْني مِن زمهريرِ جهنَّمَ. قالَ اللهُ تَعالى لجهنَّمَ: إنَّ عبدًا مِن عبادي اسْتَجارَ بي مِن زمهريرِكِ، وإنِّي أُشْهِدُكِ أنِّي قد أجَرْتُهُ". قالوا: وما زمهريرُ جهنَّمَ؟ قالَ: "بيتٌ يُلْقى فيهِ الكافرُ فيَتَمَيَّزُ مِن شدَّةِ بردِهِ" (١).

قامَ زُبَيْدٌ اليامِيُّ ذاتَ ليلةٍ للتَّهجُّدِ، فعَمَدَ إلى مطهرةٍ لهُ كانَ يَتَوَضَّأُ منها، فغَمَسَ يدَهُ في المطهرةِ، فوَجَدَ الماءَ باردًا شديدًا كادَ أنْ يَجْمُدَ مِن شدَّةِ البردِ، فذَكَرَ الزَّمهريرَ ويدُهُ في المطهرةِ، فلمْ يُخْرِجْها حتَّى أصبحَ. فجاءَتْ جاريتُهُ وهوَ على تلكَ الحالِ، فقالَتْ: ما شأْنُك يا سيِّدي لم تُصَلِّ الليلةَ كما كُنْتَ تُصَلِّي وأنتَ قاعدٌ هنا على هذهِ الحالةِ؟ قالَ: ويحكِ! إنِّي أدْخَلْتُ يدي في هذهِ المطهرةِ، فاشْتَدَّ عليَّ بردُ الماءِ، فذَكَرْتُ بهِ الزَّمهريرَ، فواللهِ؟ ما شَعَرْتُ بشدَّةِ بردِهِ حتَّى وَقَفْتِ عليَّ، فانْظُري لا تُحَدِّثي بهذا أحدًا ما دمتُ حيًّا. فما عَلِمَ بذلكَ أحدٌ حتَّى ماتَ.

وفي الحديثِ الصَّحيحِ: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن لجهنَّمَ نفسينِ؛ نفسًا في الشِّتاءِ ونفسًا في الصَّيفِ. فأشدُّ ما تَجِدونَ مِن البردِ مِن زمهريرِها، وأشدُّ ما تَجِدونَ مِن الحرِّ مِن سمومِها" (٢).

[و] رُوِيَ عن أبنِ عَبَّاسٍ؛ قالَ: يَسْتَغيثُ أهلُ النَّارِ مِن الحرِّ، فيُغاثونَ بريحٍ باردةٍ يُصَدِّعُ العظامَ بردُها، فيَسْألونَ الحرَّ.

وعن مُجاهِدٍ؛ قالَ: يَهْرُبونَ إلى الزَّمهريرِ، فإذا وَقَعوا فيهِ؛ حَطَمَ عظامَهُم حتَّى يُسْمَعَ لها نقيصٌ.

وعن كَعْبٍ قالَ: إنَّ في جهنَّمَ بردًا هوَ الزَّمهريرُ، يُسْقِط اللحمَ، حتَّى يَسْتَغيثوا بحرِّ جهنَّمَ.


(١) (ضعيف). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٦٩١ - ٦٩٢).
(٢) متّفق عليه. تقدم تفصيل القول فيه (ص ٦٨٨).

<<  <   >  >>