للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَرَّجَهُ الطَّبَرانِيُّ وغيرُهُ (١)، وهوَ موجودٌ في بعضِ نسخِ كتابِ التِّرْمِذِيِّ.

وفي حديثٍ آخرَ مرفوعٍ: "ابنَ آدَمَ! اذْكُرْني مِن أوَّلِ النَّهارِ ساعةً ومِن آخرِ النَّهارِ ساعةً؛ أغْفِرْ لكَ ما بينَ ذلكَ؛ إلَّا الكبائرَ أو تَتوبَ منها" (٢).

وقالَ ابنُ المُبارَكِ: مَن خَتَمَ نهارَهُ بذكرِ [اللهِ]؛ كُتِبَ نهارُهُ كلُّهُ ذكرًا. يُشيرُ إلى أن الأعمالَ بالخواتيمِ، فإذا كانَ البداءةُ والختامُ ذكرًا؛ فهوَ أولى أنْ يَكونَ حكمُ الذِّكرِ شاملًا للجميعِ.

ويَتَعَيَّن استفتاحُ العامِ بتوبةٍ نصوحٍ تَمْحو ما سَلَفَ مِن الذُّنوبِ السَّالفةِ [في الأيَّامِ] الخاليةِ:

قَطَعْتَ شُهورَ العامِ لَهْوًا وَغَفْلَةً … وَلَمْ تَحْتَرِمْ فيما أتَيْتَ المُحَرَّما

فَلا رَجَبًا وافَيْتَ فيهِ بِحَقِّهِ … وَلا صُمْتَ شَهْرَ الصَّوْمِ صَوْمًا مُتَمَّما

وَلا في ليالي عَشْرِ ذي الحِجَّةِ الذي … مَضى كُنْتَ قَوَّامًا وَلا كُنْتَ مُحْرِما

فَهَلْ لَكَ أنْ تَمْحُو الذُّنوبَ بِعَبْرَةٍ … وَتَبْكي عَلَيْها حَسْرَةً وَتندُّما

وَتَسْتَقْبِلَ العامَ الجَديدَ بتَوْبَةٍ … لَعَلَّكَ أنْ تَمْحُو بِها ما تَقَدَّما

وقد سَمَّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُحَرَّمَ شهرَ اللهِ (٣)، وإضافتُهُ إلى اللهِ تَدُلُّ على شرفِهِ وفضلِهِ؛ فإنَّه تَعالى لا يُضيفُ إليهِ إلَّا خواصَّ مخلوقاتِهِ، كما نَسَبَ مُحَمَّدًا وإبْراهيمَ وإسْحاقَ ويَعْقوبَ وغيرَهُم مِن الأنبياءِ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِم إلى عبوديَّتِهِ ونَسَبَ إليهِ بيتَهُ وناقتَهُ (٤).


= وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البيهقي في "الشعب" (٧٠٥٢)، لكن فيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو شرّ من تمام.
ولذلك سكت الترمذي عن الحديث، وقال البيهقي: "فيه نظر"، وقال ابن الجوزي: "لا يصحّ"، ومال المنذري إلى إعلاله، وقال الألباني: "ضعيف جدًّا".
(١) ولم أقف عليه عند الطبراني ولا عزاه المنذري ولا السيوطي له!
(٢) (لم أقف عليه بهذا اللفظ). وهو عند أبي نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٢١٣) بنحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بسند واهٍ.
(٣) في حديث مسلم الذي تقدّم أوّل الباب.
(٤) في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [ص: ٤٥]، وقوله: {أسرى =

<<  <   >  >>