للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ولمَّا كانَ هذا الشَّهرُ مختصًّا بإضافتِهِ إلى اللهِ، وكانَ الصِّيامُ مِن بين الأعمالِ مضافًا إلى اللهِ؛ فإنَّهُ لهُ مِن بين الأعمالِ؛ ناسَبَ أنْ يُخْتَصَّ هذا الشَّهرُ المضافُ إلى اللهِ بالعملِ المضافِ إليهِ المختصِّ بهِ وهوَ الصِّيامُ.

وقد قيلَ في معنى إضافةِ هذا الشَّهرِ إلى اللهِ [إنَّهُ] (١) إنَّهُ إشارةٌ إلى أن تحريمَهُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ليسَ لأحدٍ تبديلُهُ كما كانَتِ الجاهليَّةُ يُحِلُّونَهُ ويُحَرِّمونَ مكانَهُ صَفَرَ، فأشارَ إلى أنَّهُ شهرُ اللهِ الذي حَرَّمَهُ فليسَ لأحدٍ مِن خلقِهِ تبديلُ ذلكَ وتغييرُهُ.

شَهْرُ الحَرامِ مُبارَكٌ مَيْمونُ … وَالصَّوْمُ فيهِ مُضاعَفٌ مَسْنونُ

وَثَوابُ صائِمِهِ لِوَجْهِ إلهِهِ … في الخُلْدِ عِنْدَ مَليكِهِ مَخْزونُ

الصِّيامُ سرٌّ بينَ العبدِ وبينَ ربِّهِ، ولهذا يَقولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كلُّ عملِ ابن آدَمَ لهُ؛ إلَّا الصَّومَ؛ فإنَّهُ لي، وأنا أجْزي بهِ، إنَّهُ تَرَكَ شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِن أجلي. وفي الجنَّةِ بابٌ يُقالُ لهُ الرَّيَّانُ، لا يَدْخُلُ منهُ إلَّا الصَّائمونَ، فإذا دَخَلوا؛ أُغْلِقَ فلمْ يَدْخُلْ منهُ غيرُهُم. وهوَ جُنَّةٌ للعبدِ مِن النَّارِ كجُنَّةِ أحدِكُم مِن القتالِ (٢).

وفي "المسند": عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "مَن صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ؛ بَعَّدَهُ اللهُ مِن نارِ جهنَّمَ كبعدِ غرابٍ طارَ وهوَ فرخٌ حتَّى ماتَ هَرِمًا" (٣).


= بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١]، وقوله: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: ١٢٥]، وقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ} [الشمس: ١٣].
(١) زيادة من ط.
(٢) وهذه قطع من نصوص مرفوعة سيأتي تخريجها في وظائف شهر رمضان.
(٣) (ضعيف جدًّا). رواه: أحمد (٢/ ٥٢٦)، والبزّار (١٠٣٧ - كشف)، وأبو يعلى (٩٢١)، وابن أبي حاتم في "الجرح" (٤/ ٣٠٠) و "المراسيل" (١/ ٦٦) تعليقًا، وابن قانع في "المعجم" (١/ ٢٨٠/ ٣٣١)، وابن حبان في "الثقات" (٧/ ٣٦٢) تعليقًا، والطبراني في "الكبير" (٧/ ٥٦/ ٦٣٦٥) و "الأوسط" (٣١٤٢)، والبيهقي في "الشعب" (٣٥٩٠)، وابن عبد البرّ في "الاستيعاب" (٢/ ١٣١) معلّقًا، وابن الأثير في "الغابة" (٢/ ٣٦٠)، والعلائي في "المراسيل" (٢٧٣) تعليقًا؛ من طرق، عن ابن لهيعة، ثنا زبّان بن فائد (ووقع عند أحمد: خالد بن يزيد)، عن لهيعة بن عقبة، عن عمرو بن ربيعة (ووقع عند أحمد: عن رجل سماه وعند البزّار: عن أبي الشعثاء)، عن سلمة بن قيصر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (ووقع عند البزّار: عن أبي هريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -).
قال الهيثمي (٣/ ١٨٤): "فيه ابن لهيعة وفيه كلام". قلت: هذه أيسر علل الحديث وأقلّها قدحًا به؛ فقد رواه عن ابن لهيعة ابن يزيد وابن المبارك وابن وهب وروايتهم عنه مستقيمة. ولو أعله بزبّان لكان أولى؛ فإنَّه ضعيف كثير المنكرات، ومتابعة خالد بن يزيد له عند أحمد من أوهام ابن لهيعة، وقد جاء من الطريق =

<<  <   >  >>