للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيهِ: أن أبا أُمامَةَ قالَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أوْصِني! قالَ: "عليكَ بالصَّومِ؛ فإنَّهُ لا عِدْلَ لهُ" (١). فكانَ أبو أمامَةَ وأهلُهُ يَصومونَ، فإذا رُئِيَ في بيتِهِم دخانٌ بالنَّهارِ؛ عُلِمَ أنَّهُ قد نَزَلَ بهِم ضيفٌ.

• وممَّن سَرَدَ الصَّومَ (٢) عُمَرُ وأبو طَلْحَةَ وعائِشَةُ وغيرُهُم مِن الصَّحابةِ وخلقٌ كثيرٌ مِن السَّلفِ.

وممَّن صامَ الأشهرَ الحرمَ كلَّها ابنُ عُمَرَ والحَسَنُ البَصْرِي وغيرُهُما (٣).

قالَ بعضُهُم: إنَّما هوَ غداءٌ وعشاءٌ، فإنْ أخَّرْتَ غداءَكَ إلى عشائِكَ؛ أمْسَيْتَ وقد


= نفسها عن غيره على الجادّة. وكذلك لو أعلّه بلهيعة بن عقبة لكان أولى؛ ففيه ضعف وجهالة. وعمرو بن ربيعة لا يعرف. وسلمة بن قيصر مثله، وحديثه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسل. فالسند مظلم مسلسل بالعلل، وقد ضعّفه البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة والذهبي والمنذري والعلائي والهيثمي والعسقلاني والألباني.
(١) (صحيح). قطعة من حديث طويل يرويه محمّد بن عبد الله بن أبي يعقوب واختلف عليه فيه على وجهين: روى الأول: عبد الرزّاق (٧٨٩٩)، وابن أبي شيبة (٨٨٩٥)، وأحمد (٥/ ٢٤٨ و ٢٥٥ و ٢٥٨)، والحارث (٣٤٥ و ٣٤٦ - زوائد الهيثمي)، والنسائي (٢٢ - الصيام، ٤٣ - الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب، ٤/ ١٦٥/ ٢٢١٩)، وابن حبان (٣٤٢٥)، والروياني (١١٧٦)، والطبراني في "الكبير" (٨/ ٩١/ ٧٤٦٣ - ٧٤٦٥) و "الشاميين" (٢١١١ و ٢١١٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ١٧٤ و ١٧٥، ٦/ ٢٧٧)، والبيهقي في "الكبرى" (٤/ ٣٠١) و "الشعب" (٣٨٩٣) و "الدلائل" (٦/ ٢٣٤)؛ من طرق أربعة قويّة، عن ابن أبي يعقوب، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة … رفعه. وروى الثاني: أحمد (٥/ ٢٤٩ و ٢٦٤)، والنسائي (الموضع السابق، ٢٢٢١ و ٢٢٢٢)، وابن خزيمة (١٨٩٣)، وابن حبّان (٣٤٢٦)، والروياني (١١٧٥)، والحاكم (١/ ٤٢١)، وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ١٧٥، ٧/ ١٦٥)، والبيهقي في "الشعب" (٣٥٨٧)، والأصبهاني في "الترغيب" (١٧٢٣)؛ من طرق، عن شعبة، عن ابن أبي يعقوب، سمعت أبا نصر الهلاليّ، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة … رفعه.
قال ابن حبان: "أبو نصر هذا هو حميد بن هلال. ولست أنكر أن ابن أبي يعقوب سمع هذا الخبر بطوله عن رجاء وسمع بعضه عن حميد بن هلال، فالطريقان جميعًا محفوظان". قلت: وصحيحان أيضًا. وقد صحّحه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والمنذري والذهبي والهيثمي والعسقلاني والألباني.
(٢) سرد الصوم بمعنى صوم الأيّام المتتابعة مشهور عن أولئك الأجلّة، وأمّا سرده بمعنى صوم الدهر على طريقة جهلة المتعبّدة والصوفيّة فلا.
(٣) والآثار الواردة في هذا الباب عن السلف الصالح كثيرة، وما صحّ منها فألفاظه متفاوتة، والناظر فيها بإنصاف لن يتردد في أنّهم رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يكثرون الصوم في الأشهر الحرم وغيرها ولا يصومونها كلّها، وهو اللائق بحرصهم على اتّباع آثار نبيّهم، خلافًا لمن جاء بعدهم ممّن يصحّ فيه قول القائل: كثير الحركة قليل البركة.

<<  <   >  >>