كُتِبْتَ في ديوانِ الصَّائمينَ.
للصَّائمِ فرحتانِ: فرحةٌ عندَ فطرِهِ، وفرحةٌ عندَ لقاءِ ربِّهِ إذا وَجَدَ ثوابَ صيامِهِ مدخورًا.
سَمعَ بعضُهُم مناديًا يُنادي على السُّحورِ في رمضانَ: يا ما خَبَأْنا للصُّوَّامِ! فانْتبَهَ بذلكَ وسَرَدَ الصَّوم.
ورُوِيَ أن الصَّائمينَ توضَعُ لهُم مائدةٌ تحتَ العرشِ يَأكُلونَ والنَّاسُ في الحسابِ، فيَقولُ النَّاسُ: ما بالُ هؤلاءِ يأْكُلون ونحنُ نُحاسَبُ؟ فيُقالُ: كانوا يَصومونَ وأنتُم تُفْطِرونَ. ورُوِيَ أنَّهُم يُحَكَّمونَ في ثمارِ الجنَّةِ والنَاسُ في الحسابِ. رَوَى ذلكَ ابنُ أبي الدُّنْيا في "كتاب الجوع" (١).
قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٣٥].
وقالَ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: ٢٤]: قالَ مُجاهِدٌ وغيرُهُ: نَزَلَتْ في الصُّوَّامِ.
مَن تَرَكَ للهِ طعامَهُ وشرابَهُ وشهوتَهُ؛ عَوَّضَهُ اللهُ خيرًا مِن ذلكَ؛ طعامًا وشرابًا لا يَنْفَدُ، وأزواجًا لا تَموتُ.
وفي التَّوراةِ: طوبى لمَن جَوَّعَ نفسَهُ ليومِ الشبعِ الأكبرِ، طوبى لمَن ظَمَّأ نفسَهُ ليومِ الرِّيَ الأكبرِ، طوبى لمَن تَرَكَ شهوةً حاضرةً لموعدِ غيبٍ لمْ يَرَهُ، طوبى لمَن تَرَكَ طعامًا يَنْفَدُ في دارِ تَنْفَدُ لدارٍ أُكُلُها دائمٌ وظلُّها.
مَنْ يُرِدْ مُلْكَ الجِنانِ … فَلْيَذَرْ عَنْهُ التَّواني
وَليَقُمْ في ظُلْمَةِ اللَيْـ … ـلِ إلى نورِ القُرانِ
وَلْيَصِلْ صَوْمًا بِصَوْمٍ … إنَّ هذا العَيْشَ فاني
إنَّما العَيْشُ جِوارُ الْـ … ـلهِ في دارِ الأمانِ
(١) (ضعيف جدًّا). سيأتي تفصيل الكلام في تخريجه (ص ٣٧١).