على الحصر مؤسسة «تبشيرية»، مع أن الإرسالية الأمريكية البروتستانتية هي التي أنشأت تلك الجامعة. ثم قال الدكتور (بنروز): إن جميع رؤساء الجامعة قبله كان قِسَسًا، أما هو شخصيًا فلم يكن قسيسًا، وأن أطروحته لنيل الدكتوه كانت في الفلسفة ولم تكن في الفقه أو اللاهوت.
أما فيما يتعلق بسؤالي عن الطابع التبشيري للجامعة فقد قال الدكتور (بنروز) في رسالته المذكورة إِلَيَّ: «إِنَّ الجَامِعَةَ ... لاَ تَقُومُ بِجُهْدٍ لِتَجْعَلَ الطُّلاَّبَ يَصْبَأُونَ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ ... إِنَّنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ نَهْتَمُّ بِأَنْ نُثِيرَ فِي طُلاَّبِنَا الاِهْتِمَامَ بِالأُمُورِ التِي تَتَّصِلُ بِالدِّينِ عُمُومًا (لاَ بِدِينٍ خَاصٍّ) ... فَإِذَا كُنْتَ تُعِدُّ هَذَا نَشَاطًا تَبْشِيرِيًّا، وَجَبَ عَلَيَّ أَنْ أَقُولَ إِنَّنَا تَبْشِيرِيُّونَ وَلَكِنْ بِهَذَا المَعْنَى فَقَطْ ...».
ثم يقول الدكتور (بنروز): «إِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُعَقَّدَةٌ، وَأُحِبَّ أَنْ لَوْ نَجْتَمِعَ لِنَبْحَثَ فِيهَا بِتَفْصِيلٍ أَوْفَى» .. ولكني أنا لم أجد ضرورة للإسراع بضرب موعد لكثرة العمل المدرسي في مطلع السنة الدراسية - تشرين الثاني. وَجَاءَ أَمْرُ اللهِ وتوفي الدكتور (بنروز) في التاسع من كانون الأول من العام ١٩٥٤ نفسه. وحاولت بعد ذلك أن أثير الموضوع مع بعض خلفه فلم أجد عنده قبولاً للخوض فيه. ثم باحثت الأستاذ (فؤاد صروف)، نائب رئيس الجامعة الأمريكية المولج بالصلات الاجتماعية، فأكد اهتمام الجامعة بإذكاء الحياة الروحية بين الطلاب.
ومما يتصل بموضوعنا هنا أن الجامعة الأمريكية في بيروت تحتضن حركتين متصلتين اليوم بالاستعمار اتصالاً وثيقًا: حلف بغداد (أو سياسة المعسكر الغربي) ثم الدعوة إلى اللغة العامية مكتوبة بالحروف اللاتينية. أما الدعوة العامية فالبحث فيها سيأتي في فصل يتلو. وأما سياسة المعسكر الغربي فمكان البحث فيها هنا.
تُجْمِعُ البلاد العربية، باستثناء حكومة العراق قبل تأميم قناة السويس، على أن سياسة الأحلاف الأجنبية أمر يجلب الأذى على العرب. ولكن الجامعة وأساتذة الجامعة - والمعنى واحد - تقف إلى جانب حلف بغداد لأنه أمريكي وتسفه رأي خصومه. وقد نشر (جورج كيرك)، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في الجامعة، مقالاً في " مجلة الكلية " يسفه فيه رأي العرب - أو مصر خاصة والعرب عامة - لأن العرب لما أيسوا من التسلح من دول الغرب التي سلحت اليهود وتسلح دولتهم اليوم بكل كرم وتعينها في اعتداءاتها المتكررة على تخوم البلاد العربية، بدأوا يعقدون صفقات لشراء أسلحة تشيكوسلوفاكية على أسس تجارية بحت. ولكن (جورج كيرك)، الأستاذ في الجامعة الأمريكية، نصب