للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ السَّادِسُ: السِّيَاسَةُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

٢ - الفِتَنُ وَالحُرُوبُ فِي الشَّرْقِ:

كان التعاون السلمي بين رجال السياسة وبين المبشرين قليل النتائج. وكانت هذه النتائج على قلتها بطيئة الظهور أيضًا. ولقد اعتد رجال السياسة هذا التعاون دَيْنًا لَهُمْ المبشرين، فلما قوي المبشرون بعض القوة فعلاً رجعت عليهم دولهم تقتضيهم هذا الدين.

وهكذا بعد أن عملت الدول الأجنبية زمنًا طويلاً على تأييد إرساليتاتها التبشيرية في الشرق قويت تلك الإرساليات فعادت هي بدورها تعمل على تأييد دولها. ولكن المبشرين لم يستطيعوا ذلك إلا من طريق إثارة الاضطرابات في بلادنا، ولذلك عمدوا إلى إثارة اضطرابات مختلفة وحرصوا على «إِذْكَاءِ العَدَاوَةِ بَيْنَ الذِينَ كَانُوا يُبَشِّرُونَ بَيْنَهُمْ» (١). وعلى أن يفسحوا المجال أمام دولهم للتدخل في بلادنا.

إِثَارَةُ الحُرُوبِ:

كان أول ما خطر للمبشرين أن يخلقوا في الإمبراطورية العثمانية أسبابًا تقود إلى الحرب لأن الحرب تضعف الدولة العثمانية فيضعف سلطانها على رعاياها، فيجد المبشرون حينئذٍ من ضعف العثمانيين منفذًا إلى التبشير بين المسلمين. ولقد كانت أكثر الحروب التي شنتها أوروبا من قبل على الدول الإسلامية دينية في أساسها كالحروب الصليبية والحروب في الأندلس. وكذلك في القرنين التاسع عشر والعشرين كانت حروب الدول الغربية المشنونة على الإمبراطورية العثمانية متميزة بعامل ديني. قال (لورنس براون) (٢):


(١) Jessup ١٦٠ ff
(٢) Browne ٨

<<  <   >  >>