للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اِسْتِغْلاَلُ آلاَمِ البَشَرِ:

ولقد أدرك المبشرون هذا الميل في البشر فخرجوا عن كل نبل في الطبيعة الإنسانية وسخروا الطب في سبيل غايات، حسبك دليلاً على نوعها قولهم هم: «حَيْثُ تَجِدُ بَشَرًا تَجِدُ آلاَمًا، وَحَيْثُ تَكُونُ الآلاَمُ تَكُونُ الحَاجَةُ إِلَى الطَّبِيبِ (١)، وَحَيْثُ تَكُونُ الحَاجَةُ إِلَى الطَّبِيبِ فَهُنَالِكَ فُرْصَةٌ مُنَاسِبَةٌ لِلْتَّبْشِيرِ»، وهكذا اتخذ المبشرون الطب ستارًا يقتربون تحته من المرضى.

وقد كان أول من غَيَّرَ سُنَّةَ أَبُقْرَاطْ الجَمِيلَةَ الأمريكيون حينما بدأوا ينشئون عياة طبية في سيواس (بتركيا) عام ١٨٥٩ م (٢). وهكذا نظر الأمريكيون منذ ذلك الحين إلى الطب على أنه معين على التنصير. ومنذ ذلك الحين اعتبر الأمريكيون الطب «مَشْرُوعًا مَسِيحِيًّا» (٣). وعلى هذا قال الطبيب (بول هاريسون) (٤) في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " (ص ٢٧٧):

«إِنَّ المُبَشِّرَ لاَ يَرْضَى عَنْ إِنْشَاءِ مُسْتَشْفَى وَلَوْ بَلَغَتْ مَنَافِعُ ذَلِكَ المُسْتَشْفَى مِنْطَقَةَ (عُمَانْ) بِأَسْرِهَا. لَقَدْ وُجِدْنَا فِي بِلاَدِ العَرَبِ لِنَجْعَلَ رِجَالَهَا وَنِسَاءَهَا نَصَارَى!».

ولا ريب في أن الطبيب يستطيع أن يصل إلى جميع طبقات الناس حتى أولئك الذين لا يخالطون غيرهم. ولذلك قال المبشرون: «إِنَّ بِإِمْكَانِ الطَّبِيبِ المُبَشِّرِ أَنْ يَصِلَ بِتَبْشِيرِهِ إِلَى جَمِيعِ طَبَقَاتِ المُسْلِمِينَ بِوَاسِطَةِ المَرْضَى الذِينَ يُعَالِجُهُمْ» (٥). ثم إنهم فرضوا أن يكون الطبيب المبشر «نُسْخَةً حَيَّةً مِنَ الإِنْجِيلِ». أن بإمكانه أن يغير الذين حوله ويجعل منهم نصارى حقيقيين أو أن يترك في نفوسهم أثرًا عميقًا (٦) على الأقل.

والمبشرون يصرحون بذلك. كتب (س. أ. موريسون) (٧) في مجلة " العالم الإسلامي " (٨) التبشيرية يقول:

«نَحْنُ مُتَّفِقُونَ بِلاَ رَيْبٍ عَلَى أَنَّ الغَايَةَ الأًسَاسِيَّةَ مِنْ أَعْمَالِ التَّنْصِيرِ بَيْنَ المَرْضَى


(١) Milligan ١٣٣
(٢) Addison ٩٢
(٣) Re -Thinking Missions ٩٩١
(٤) Paul W. Harrison, ND, Doctor in Arabia
(٥) cf. ٢٥٣ f
(٦) Harrison ٢٧٦
(٧) S. A. Morrison
(٨) I W, April ١٩٢٠ pp ١٢٩ ff

<<  <   >  >>