للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الخَامِسُ: السِّيَاسَةُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

١ - تَعَاوُنُ التَّبْشِيرِ وَالسِّيَاسَةِ:

لقد خابت الجمعيات التبشيرية في جهودها الفردية بين المسلمين: لقد تبين لهذه الجمعيات، لأسباب كثيرة، أن انتقال المسلم من الإسلام إلى النصرانية قد يتم في العام بعد العام. وهذا يعني أن الجهود التي يبذلونها لا تتناسب مع النتائج التي يجنونها، فيجب البحث إذن عن طريق أشد تأثيرًا وأكثر عائدة.

أما الأسباب الحقيقية التي تصرف المسلم عن هذا الانتقال - كما ذكرها المبشرون أنفسهم - فلن نتعرض لها، ذلك لأنها تثير مشكلة عظيمة بين مواطنين في الشرق يعيشون على الأخوة والوداد، وهذا أبعد شيء عن غايتنا في هذا الكتاب. إن لكتابنا هدفًا واحدًا: نحن نريد أن نبرهن على أن رجال الدين الأجانب هم المسؤولون عن نكبات الشرق السياسية والخلقية، وعن الفتن التي كانت تثور بين أهل الأديان والمذاهب، وأن أهل الوطن الواحد على اختلاف أديانهم ومذاهبهم كانوا دائمًا ضحايا بريئة.

ولما رأى المبشرون أن الجهود الفردية في نشر المذاهب المسيحية الغربية في الشرق وبين المسلمين خاصة، قليل الجدوى تلفتوا، منذ زمن قديم جِدًّا، إلى سبل أحسن تمهيدًا وأشد تأثيرًا فلجأوا إلى حكوماتهم. وبعد أن رضي المبشرون أَنْ يَجْعَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَالدِّينَ آلَةً طَيِّعَةً فِي يَدِ دُوَلِهِمْ، انتهزت تلك الدول هذه الفرصة وجعلت تساعد المبشرين. إلا أنها في الحقيقة كانت تسعى إلى أهدافها السياسية والاقتصادية الخاصة باستغلال المبشرين والدين.

وللمدارس الفرنسية، مدارس الإخوان النصارى (الفْرِيرْ) والمدارس اليسوعية وما يتصل بها كلها من مدارس الراهبات وسواها، مشاكل خاصة ليست لمدارس

<<  <   >  >>