للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإرساليات ومدارسها وأنديتها يجب أن تكون في رأي هؤلاء المبشرين شاهقة غريبة المظهر حتى تؤثر في عقول الزائرين وفي عواطفهم وخيالاتهم (١). إن ذلك في اعتقاد المبشرين يُقَرِّبُ غير النصارى إلى النصرانية.

لا ريب في أن للمظاهر العاقلة تأثيرًا في النفوس. ولكن ما علاقة البناء الجميل بصحة الدين؟ ولو فرضنا أن ثمت مثل هذه العلاقة لوجب علينا أن نعتقد أن الأهرام في مصر وقلعة بعلبك في الجمهورية اللبنانية وهياكل بورما والهند تدل على أن عبادة الثور المصري وأن الوثنية الرومانية أفضل من النصرانية. هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العلمية فإن المبشرين قد أقاموا في القدس بناءً فخمًا يضم " جمعية الشبان المسيحيين "، بناءً يُعَدُّ من أجمل الأبنية وأفخمها في الشرق. ومع ذلك فإن المبشرين أنفسهم قد ساعدوا على تسليم فلسطين لليهود. إن المبشرين لا يبشرون بالدين المسيحي بقدر ما يبشرون بالسيارات الأمريكية والمنسوجات البريطانية. هم يدعون أنهم يريدون أن ينشروا دين المسيح في أقاصي الأرض ثم هم يسلمون مهد المسيح نفسه إلى أعداء المسيح.

مَاذَا تَضُمُّ هَذِهِ الأَنْدِيَةُ؟:

تضم هذه الأندية نشاطًا اجتماعيًا مختلف الأنواع والألوان. هنالك حفلات تقام، ومحاضرات تلقى، وليالي أنس وسمر، ومطاعم، ومنامات يأوي إليها محبو الاقتصاد، وأسباب تسلية يغشاها الشباب. على أن الذي تضمه هذه الأندية ليس أمرًا مقصودًا لذاته، أي إن عمدة هذا النادي لا يهمها أن يأتي الناس ليتمتعوا بما في النادي من أسباب التثقيف والترويج، بل يهمها أن تجتذب بهذه الأسباب أناسًا يستمعون إلى صوت المبشر الإنجليزي أو الأمريكي أو الفرنسي أو الهولندي، أو ليجد حب الغرب طريقه إلى قلوب الشرقيين على الأقل. أما التقوى المسيحية أو الإنسانية الغربية فيجب أن نبحث عنهما في الولايات المتحدة وميادين أوروبا!.

مَا الهَدَفُ الصَّحِيحُ لِهَذِهِ الأَبْنِيَةِ؟:

هذه الأبنية الضخمة، وما تضم من أندية ومنامات ومطاعم وما إلى ذلك، إنما هي للتأثير في أولئك الذين سيصبح لهم في بلادهم أهمية ما، أو لمساعدتهم - على الأصح - لأن تصبح


(١) Re-thinking Missions ١٣

<<  <   >  >>