للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشأت " كلية جيرارد "، أو كلية الأمريكان في صيدا (١) من حاجة تبشيرية خاصة. إن المبشرين الأمريكيين كانوا قد أدركوا، بعد خمس عشرة سنة من التجارب، أن المتخرجين من الكلية السورية الإنجيلية في بيروت لا يصلحون لأعمال التبشير في القرى، ذلك لأنهم يأتون عادة من بيئة بعيدة عن القرى ثُمَّ يَقْضُونَ سِنَّيْ تَعْلِيمِهِمْ وتدريبهم في بيئة حضرية. من أجل ذلك قرر المبشرون الأمريكيون إنشاء مدرسة عالية في مكان قريب من البيئة القروية لإعداد معلمين ومساعدين على التبشير في القرى نفسها (٢).

ومثل هذا يقال في الكليات الأمريكية المختلفة في خربوط وعينتاب ومرعش وطرسوس (٣)، وفي طرابلس والقاهرة وحلب وسواها.

٥ - " كُلِّيَّةُ غُورْدُنْ " فِي الخُرْطُومِ (الإِنْجْلِيزِيَّةِ):

ومن أطرف ما يمكن أن يستشهد به هنا موقف المبشر (هنري جسب) ورأيه في " كلية غوردن " في الخرطوم بالسودان المصري.

أسس الإنجليز عام ١٩٠٣ كلية في الخرطوم سموها " كلية غوردن " باسم ضابط إنكليزي هو (تشارلس غوردن)، ويعرف أيضًا باسم (غودرن باشا). وكان (غوردن) قد قُتِلَ فِي السودان لما استولى المهدي على الخرطوم عام ١٨٨٥.

عرض المبشر (جسب) لسياسة الحكومة الإنجليزية في هذه المؤسسة فسماها «فضيحة " كلية غوردن "» ثم قال: «إِنَّ الحُكُومَةَ الإِنْجْلِيزِيَّةَ لَمَّا قَرَّرَتْ فَتْحَ هَذِهِ الكُلِّيَّةَ جَمَعَتْ لَهَا مِائَةَ أَلْفَ جُنَيْهٍ مِنَ إِنْكْلِتْرَا، وَلَكِنَّهَا أَغْلَقَتْهَا فِي وَجْهِ التَّبْشِيرِ المَسِيحِيِّ». ثم يستغرب (جسب) كيف أن هذه الكلية تعلم القرآن ولا تعلم التوراة والإنجيل، ثم تفتح أبوابها يوم الأحد وتعطل دروسها يوم الجمعة. بعدئذٍ يتابع (جسب) حملته الشعواء فيقول: «وَمَا دَامَ (غُورْدُنْ) مَسِيحِيًّا فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الكُلِّيَّةُ التِي سُمِّيَتْ بِاسْمِهِ تَبْشِيرِيَّةً مَسِيحِيَّةً، لاَ أَنْ تَكُونَ حِجَابًا بَيْنَ السُّودَانِيِّينَ وَبَيْنَ التَّوْرَاةِ» (٤).

إن (جسب) يريد أن تكون المدرسة المسلمة بتلاميذها والمسلمة بالإدارة في بلادها، لأن


(١) cf. Jessup ٣١٣ ; Richter ٢٢٢
(٢) cf. Bliss ١٧٠
(٣) Richter ٧٤
(٤) Jessup ٦٦٥ - ٥

<<  <   >  >>